وفی الختام نرى من اللازم عدم إغفال شاهد آخر على وجود الخصلة المذکورة فی شخصیة سماحة الاستاذ على مستوى: «الذکاء الخارق والدقّة المتناهیة فی تشخیص الموضوعات الفقهیة» فی جلسات الاستفتاء:
لا یخفى على من یشترک فی جلسات الاستفتاء وجود تنوع کبیر فی الاسئلة المطروحة والواردة إلى هذا المکتب فی مختلف المجالات الفقهیة من شرق العالم وغربه، ولابدّ من دراستها وبحثها بعد تشخیص الموضوع الذی تنتمی إلیه، فالأمر الضروری جدّاً فی هذه الموارد، مضافاً إلى الحاجة إلى قدرة الافتاء وملکة الاستنباط لدى الفقیه وصاحب الفتوى ومعرفته الدقیقة واحاطته التامة بالاُصول والضوابط اللازمة فی فن الاجتهاد، أن یتمتع الفقیه بذکاء اجتماعی وفراسة فی تشخیص الموضوعات المختلفة والمتنوعة التی ترد علیه من داخل البلد وخارجه، ومن قبل المنظمات والمراکز الحکومیة أو من قبل الأطراف والشخصیات الحقیقیة، وکل هذه المسائل الفقهیة ترد بصورة متواترة إلى مدینة العلم والاجتهاد، مدینة قم، وأحیاناً تتضمن مسائل وموضوعات معقدة وربّما توجد هناک سوء نیّة لدى المستفتی بحیث یلزمه أن یعقّد المسألة، ومن جانب آخر فانّ هذا المستفتی لا یجد فی نفسه الجرأة على ذکر الحقیقة کاملة فی سؤاله من أجل أن یجر النار إلى قرصه وبهدف استمالة الفتوى إلى جانبه.
وهنا تتجلّى قدرة صاحب الفتوى على معالجة هذه المطبات فی دائرة الاستفتاء، فلابدّ من ذکاء خاص وفراسة اجتماعیة ونفسانیة تمکن الشخص من الاحاطة بجمیع آفاق المعضلة والوقوف على حیل وألاعیب قد یستغلها بعض الأشخاص لصالحهم وبإمکانها أن توقع المفتی فی الخطأ والاشتباه، وبدیهی أنّ الخطأ والاشتباه فی عالم الفتوى «وإن کان الفقیه مأجوراً عند الله» فانّ ذلک من شأنه أن یورث مشاکل کثیرة فی إطار سحق الحقوق أو إبطال الحق المشروع.
وهنا لابدّ لأصحاب الفتوى الذین لا یتمتعون بفراسة اجتماعیة کافیة ویعیشون السذاجة القلبیة بسبب عدم معاشرتهم لطبقات الناس وأفراد المجتمع فیتصورون أنّ جمیع الأفراد یعیشون الصفاء الروحی والنیّة الطاهرة والشفافة کأنفسهم، لابدّ لمثل هؤلاء الفقهاء من استخدام مشاورین أذکیاء واُمناء ودعوتهم إلى جلسة الاستفتاء لإحراز الموضوع الفقهی وتشخیص تعقیدات المسائل الفقهیة فی دائرة الحقوق والمعاملات وغیرها والاستفادة من ذکائهم وفراستهم فی هذا المجال.
إنّ سماحة الاستاذ یتمتع أولاً: بالذکاء الحاد والفراسة الاجتماعیة، وثانیاً: إحاطته بمقتضیات الزمان والمکان وحنکته فی الاُمور الاجتماعیة بسبب معاشرته الطویلة والممتدة إلى جمیع شرائح المجتمع المختلفة، ومن هنا نرى أنّ سماحته عندما یجلس مجلس الاستفتاء ویجیب على المسائل الفقهیة یکون أسرع من سائر أعضاء الجلسة فی تشخیص العقد الکامنة فی هذه المسائل والکشف عن الحیل الظاهرة والباطنة لبعض المستفتین وبالتالی یمکنه استجلاء الغرض والموضوع لهذه المسألة الفقهیة.
