ومن جملة تجلّیات الخصلة المذکورة للاستاذ (التعبّد والخشیة من الحساب والمیزان) «حفظ غیبة الآخرین عند سماحة الاستاذ»، فنظراً لشیوع الغیبة وعدم رعایة حرمة الآخرین کظاهرة اجتماعیة فی وسط المتدینین بحیث لا تخفى على أحد من الناس، ومع الأسف نجد أنّ بعض الأشخاص مع ما لهم من الفضل فی مجالات مختلفة فانّهم لا یراعون حرمة الآخرین ولا یهتمون بمسألة حفظ غیبتهم لا سیّما إذا کان ذلک الشخص من المنافسین ومن رفاقهم فی المراحل الدراسیة، وأحیاناً یتحرکون على مستوى فضح الآخر عندما یحسون بأدنى خطر ویعملون على هتک حرمته من خلال تلفیق فتوى جواز غیبته، فمع ملاحظة کل هذه الاُمور، نرى أنّ سماحة الاستاذ مع کل ما تحمل من مواجهات سلبیة لدى البعض ومواقفهم اللاأخلاقیة بالنسبة للاستاذ، ومع ذلک بقی محتفظاً باحساساته ملتزماً بأوامر الشرع من موقع ضبط المشاعر والعواطف وتفضیل السکوت والصمت على رغم وجود أجواء مساعدة للجواب والردّ، فنرى سماحة الاستاذ یرجح المرور على مثل هذه الاُمور مرور الکرام، ولا شک أنّ مثل هذا الضبط والامساک یحتاج إلى ملکة التقوى ورسوخ ملکة العدالة التی لا تتسنى لأی شخص إلاّ من یستیقظ أوقات السحر ویشد متاعه لیومه فی ذلک الوقت، ویتحدّث بعض أصحابه عنه ویقول:
«إنّ ما اُرید قوله هنا هو الحدیث عن مسألة «العبادة والمناجاة» فی حیاة الاستاذ، فبالنسبة إلى عبادته (ولا أعلم أنّ الاستاذ یرضى بذلک أم لا) یقوم فی اللیل إلى العبادة فلا یترک صلاة اللیل بحال ولعل ذلک کان باعثاً على أن یقوم بعض الساکنین معه فی الغرفة أیضاً، فکان سماحة الاستاذ یستیقظ آخر اللیل وبعد أن ینتهی من نافلة اللیل یصلی صلاة الصبح ثم یشتغل بالمطالعة إلى وقت تناول طعام الفطور ویذهب متوجهاً إلى حیث أعماله الیومیة فی الدرس والتدریس...».
