العشق لطلب العلم

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
السیرة المبارکة لسماحة آیة الله العظمى مکارم الشیرازی (مدّظلّه)
العشق للإمام صاحب الزمان(علیه السلام)7. النظم فی جمیع الاُمور(1)

وعلى أیّة حال هذا العشق المقدّس لطلب العلم، کما تقدّم فی الفصول السابقة، تسبب فی أن ینتهی سماحة الاستاذ من قراءة کتاب الصمدیة بدون استاذ فی أقلّ من یومین ویجیب على إشکال استاذه، أو أن یقرأ فی یوم واحد کتاب الأمثلة وشرح الأمثلة ویشترک فی الامتحان به ویرتقی إلى صف أعلى، ویحدّثنا الاستاذ عن ذلک بقوله:

«أنا لا أرى أنّ هذه الاُمور ترتبط بالقابلیة والاستعداد الذاتی بل تتعلق بشکل أکبر بالعشق الجیاش لطلب العلم وأعتقد أنّ العشق والعلاقة العاطفیة بإمکانه أن یحدث معجزة فی هذا المجال ولکن قلیلاً من الناس یصدّق بهذا المعنى».

وکذلک یقول سماحته:

«کنت أدرس لیل نهار، فی الصیف والشتاء، فی شهر رمضان ومحرم وصفر ما عدا یوم الجمعة وبعض أیّام التعطیل المهمّة (ثلاثة أیّام فی السنة)، ولم یکن اهتمامنا فی المدرسة سوى المطالعة والتدریس، وکان عشقی یزداد ویشتدّ یوماً بعد آخر، وکنت کلما درست أکثر لا أشعر بالرضا فی نفسی فکنت أضغط على استاذی أن یدرسنی أکثر، ولکنّه لم یکن یقبل بذلک، ولعله کان یتصور أنّ الصبی الذی له من العمر ثلاث عشرة سنة لا ینبغی له أن یدرس کل هذه الدروس ویضغط على نفسه وأعصابه فیصاب بالذبول والضعف بسرعة، ویواجه الخطر فی مستقبله، ولکننی کنت دائماً فی صراع معه لأکسب منه دروساً أکثر وکان هو یسعى أکثر بأن لا أدرس أکثر من اللازم، وکان الحق معه ولکن الشخص العاشق لا یذعن لهذه الأقوال بسهولة(1).

ولعلّکم لا تصدّقوننی بل إننی بدوری لا أکاد اُصدق بأننی فی تلک الأیّام شرعت بتدریس المراحل البدائیة من المقدمات وأحیاناً کان لی فی تلک المدرسة ثمان جلسات للتدریس فی یوم واحد مضافاً إلى دروسی والمباحثات التی کنت اُجریها مع اخوانی، ومع أن بیتنا فی شیراز لم تکن تفصله عن المدرسة فاصلة کبیرة فإننی قلّما کنت أذهب إلى البیت بل کنت أبقى لیل نهار فی المدرسة مشتغلاً بالمطالعة والدرس إلى وقت متأخر، حیث کان لدینا فی ذلک الوقت مصباح نفطی، وفی أحد اللیالی ملکنی النوم وأنا فی أثناء المطالعة وانقلب المصباح فلما استیقظت فی الصباح رأیت نفسی وکتبی کلّها سوداء والمصباح منطفىء، وقد ملکتنی رحمة الله أنّ الغرفة لم تحترق. ولم أکن أهتم لنوع الغذاء إطلاقاً، وأساساً فإنّ حالة الطلاب فی ذلک الوقت کانت أشدّ صعوبة من الحالة فی هذا الزمان، فقد سبب مجموع هذه الاُمور أن اُصاب بالضعف والذبول فی بدنی ولکنّ حرارة العشق لطلب العلم کانت تعوّض تلک الخسارة».

 

 


1. إنّ مهمّة العقل هی الحسابات المنطقیة والمعادلات الریاضیة فی تعامله مع الاُمور، فیبدی نظره وفق قراءة معروفة ومقاییس سائدة بین العقلاء ویصدر حکمه وفقاً لها، ومن هنا نراه یحذر الإنسان الدخول فی کثیر من الاُمور والموارد حتى المقدّسة منها ولا یرى التورط بمثل هذه الاُمور فی صالحه، ولو کان العمل یورث الإنسان ضعفاً فی بدنه وقلّة فی وزنه وفقراً فی معیشته فانّ مثل هذا العمل فی مقیاس العقل بعید عن العقلانیة والحکمة فکیف بالعمل الذی یوقع الإنسان فی وادی الخطأ؟!
ولکنّ للعشق منطقاً آخر، فالمحالات تکون ممکنة حینئذ والعاشق لا یفکّر إلاّ بالهدف المقدّس الذی یعیش التضحیة من أجله بنفسه ومکانته الاجتماعیة وأمواله ولا یذوق طعم الراحة والسکینة إلاّ بالوصول إلیه.
فالإنسان الذی یرید السیر فی طریق الأهداف العلمیة والعملیة المقدّسة ویتحرک فی خط الدفاع عن حریم الدین والرسالة إذا لم یکن یعیش العشق فی واقعه الروحی وجمیع جوانب حیاته فإنّه سیفقد الکثیر من البرکات والثمرات والنتائج المترتبة على هذه الأعمال.
وأحد هؤلاء العشّاق فی طریق العلم والدین هو «العلاّمة الأمینی» حیث کان یسیر فی طریق الدفاع عن أهل البیت(علیهم السلام) وخاصة أمیرالمؤمنین الإمام علی(علیه السلام) بحالة من الوجد التام:
«إنّ العلاّمة الأمینی کان قد أقام فی مکتبته الخاصة من أجل کتابه «الغدیر» والدفاع عن حریم الولایة، واستمر فی عمله الدؤوب یحدوه العشق والرغبة الخالصة بحیث أنّه کان یعمل فی اللیل والنهار ستة عشر ساعة فی المطالعة والکتابة، ولا یتسنى لشخص هذا المقدار من النشاط والعمل إلاّ بدافع العشق للرسالة والأهداف السامیة، فأحیاناً یصرف من وقته من أجل شرح حال أحد الرواة والتحقیق فی وثاقته أو عدم وثاقته أکثر من عشرة أیّام، وکان یعمل فی مکتبته الخاصة فی استنساخ الکتب بدون الاهتمام بالحر والبرد، فهذا الإنسان العظیم کان قد أتمّ مطالعة جمیع کتب ومحتویات سبعة مکتبات کبیرة فی النجف (التی تدخل فی صلب موضوعه) ثم انتقل إلى مکتبات کربلاء والکاظمین وسامراء وبغداد والحلة والبصرة وأخذ بالتحقیق فی کتبها، ثم إنّه توجه إلى الهند وسوریة وبعض مدن ترکیا للعثور على الکتب الخطیة النادرة وعمل على استنساخها» (من کتاب ربع قرن مع العلاّمة الأمینی، ص 39 ـ 43).
ثم إنّ العلاّمة الأمینی توجه إلى مکتبات مشهد ومکتبة الإمام الرضا(علیه السلام) والمکتبة الوطنیة فی مجلس الشورى فی طهران وعدّة مکتبات اُخرى لاکمال تحقیقاته لدراسته. (المصدر السابق، ص 105).
وقد أنفق العلاّمة الأمینی نصف قرن من عمره الشریف لتألیف کتابه الشریف والقیم «الغدیر» فی أحد عشر مجلداً (المصدر السابق، ص 107 بتصرّف) ویقول أحد الأعاظم: عندما عاد الأمینی من الهند سألته: کیف وجدت الحر الشدید فی صیف تلک الدیار وتحملت هذا الحر؟ فأجاب: عندما کنت هناک سألنی أحدهم نفس هذا السؤال فشعرت بعد سؤاله هذا بأنّ الهواء حار.
العشق للإمام صاحب الزمان(علیه السلام)7. النظم فی جمیع الاُمور(1)
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma