إنّ الاستاذ (دام ظلّه) یعیش دائماً کجندی متحرق وحارس یحس بالمسؤولیة الدینیة والحمیة الحوزویة فی حیاته حیث یجد فی نفسه همّاً وقلقاً من تحریف الدین والابتعاد عن الأصالة الدینیة والحوزویة، وهنا تصدى سماحته بقلمه القوی والجذّاب (حیث یرى البعض أنّه أقوى وأشد تأثیراً من بیانه) لمعالجة الانحرافات الفکریة والأخلاقیة ومکافحة أشکال الزیغ والجنوح الاجتماعی، فمضافاً إلى تألیفه لأکثر من مائة کتاب علمی وتحقیقی فی سبیل الدفاع عن الإسلام والتشیع، نرى أنّ سماحته یتحرک من فرط احساسه بالمسؤولیة الدینیة والأخلاقیة، وعلى هذا الأساس انطلق سماحته من موقع مل الفراغات وسد الثغرات من دون تکرار للمکررات أو التأطر بإطار التکلفات والتعبیرات الغامضة والعبارات المبهمة، فکان قلمه السیّال یتجلّى فیه عنصر النفوذ والتأثیر الشدید بحیث إنّه یتمکن من بیان أصعب مسألة وأعقد مشکلة فکریة بشکل سهل ومیسور یفهمه عامة الناس أو أغلبهم، ولا شک فی أنّ مثل هذا القلم یُعدُّ موهبة کبیرة لا یوفق إلیها إلاّ من کان ذا حظ عظیم.
ویتحدّث أحد أصحاب الاستاذ ورفاقه عن هذه الحالة من التحرک الدینی وبعض خصائص الاستاذ الاُخرى ویقول:
«بالنسبة لمرافقتی سماحة الاستاذ فی تلک المدّة القصیرة (وإن کانت لم تتجاوز السنة الواحدة) فقد عشت معه أبعاده الروحیة وعبادته وجهات نظم اُموره وتحصیله الدراسی وکذلک رفاقه فی تلک الفترة فقد کانوا یتمیزون بالفکر الجید والحرقة الدینیة فی ظروف صعبة وذلک عندما کان المد الشیوعی یغزو ایران، فقد فکر سماحته مع رفاقه أن یجلس کل واحد منهم فی منطقة لیتمکنوا من الدفاع عن الإسلام والاجابة عن شبهات هذا التیار المادی، وقد سمعت فی ذلک الوقت أنّ سماحة الاستاذ لم یحل مسألة تجمیده من قبل الحوزة کسائر طلاّب العلوم الدینیة، بل من خلال ورقة الاجتهاد حیث عاد من النجف مجتهداً»(1).
1. آیة الله المحفوظی.
