وبهذا یستعرض سماحة الاستاذ هذه الموهبة الإلهیة فیما یتعلق بقدرته على البیان والکتابة والتألیف وکیفیة استثمار هذه القابلیات والمواهب الإلهیة فیما ینفع الإسلام والمسلمین، وقد سبق الکلام عن ذلک فی الفصل السابق «الاستقامة والجدیة»، ثم یتطرق سماحته إلى قصّة تألیف أول کتاب له باسم «تجلی الحق» والتشویق الذی حازه من قبل المرحوم آیة الله السید البروجردی(رحمه الله) على تألیفه هذا الکتاب (وقد تقدم بیان ذلک بالتفصیل فی الفصل التاسع).
ثم إنّ سماحته أشار إلى الکتاب الثانی من تألیفاته المهمّة القیمة، أی کتاب «أشباه الفلاسفة» وقال:
«عادة یثیر الکتاب الناجح لدى البعض دوافع خاصة تحرکهم وتدفعهم إلى التقلیل من شأن هذا الکتاب من خلال بث الشایعات حوله. وهذا الکتاب قد تقدم به المرحوم الشهید المطهری إلى هیئة انتخاب (کتاب العام) وبدون علمی، وفی السنة السابقة لذلک التاریخ تمّ انتخاب کتاب (اصول الفلسفة والمنهج الواقعی) من تألیف العلاّمة الطباطبائی على أنّه (کتاب العام)، وفی السنة اللاحقة تمّ انتخاب کتاب (أشباه الفلاسفة) بعد أن قدّمه إلیهم المرحوم الشهید المطهری فإنّه کان یرى أنّه لا ینبغی ترک الساحة واخلاء المیدان للمخالفین لیتوهموا أنّ الحوزة العلمیة لیست لها قدرة على الانتاج العلمی وأنّ العلوم کلها موجودة فی الجامعات، فالشهید المطهری کان یعیش هذه الحساسیة الشدیدة تجاه التیارات الفکریة الاُخرى، ولهذا السبب تقدم بکتابی هذا إلى هیئة التحکیم وتمّ انتخابه بعنوان أنّه کتاب العام».
وفی هذا المجال أیضاً وبالإشارة إلى سائر تألیفاته الکثیرة (أکثر من مائة وعشرة کتب صغیرة وکبیرة) ومع ملاحظة أن بعضها تکرر طبعه ثلاثین مرّة والبعض عشرین مرّة وآخر طبع عشر مرّات وکانت هذه الکتب مورد استقبال الناس الشدید، وأمّا على مستوى «التفسیر الأمثل» فإنّه استقبل استقبالاً یقلّ نظیره فی جمیع المحافل الدینیة والمکتبات والجامعات والمدارس والبیوت، ولیس الأمر ینحصر فی دائرة الشیعة بل إنّ الکثیر من أهل السنة استقبلوا هذا التفسیر بأحسن استقبال وترجم إلى اللغة العربیة والاوردیة، ویتحدّث سماحة الاستاذ عن تفسیره الآخر باسم «نفحات القرآن» ویقول:
«التفسیر الآخر یدعى (نفحات القرآن) وقد کتبته بمنهج التفسیر الموضوعی، أی لیس على طریقة ترتیب الآیات والسور القرآنیة بل بترتیب موضوعات القرآن. ویقع هذا التفسیر فی عشر مجلدات ویتضمن مسائل عقائدیة ومعارف دینیة فی مجال العقائد من التوحید إلى المعاد من خلال استنطاق الآیات الکریمة حیث تمّ التحقیق والبحث فی جمیع الآیات التی تتحدث عن التوحید، والآیات التی تتحدث عن صفات الله، والآیات التی تتعرض إلى النبوة العامة والنبوة الخاصة وهکذا جمیع الآیات التی تشیر إلى المعاد والإمامة والحکومة الإسلامیة وأمثال ذلک، وقد سمعت من بعض الفضلاء قولهم عن هذا التفسیر: إنّ هذا التفسیر یمثل فعلاً أفضل منبع لفهم العقائد الإسلامیة».
ثم یشیر سماحته إلى کتبه الفقهیة والاُصولیة ویقول:
«أمّا بالنسبة إلى الکتب الفقهیة والاُصولیة فهناک دورة فی علم الاُصول تمّ تدوینها بواسطة أحد طلابی الذین یحضرون درسی فی الاُصول وهو شاب ذکی وجید الفهم وذو قلم شیّق ویتمتع بالإخلاص والإیمان فی عمله، حیث عمل على تدوین وجمع ما ذکرناه فی درس الاُصول، وبعد ذلک قرأه علیَّ وأجرى بعض الإصلاحات اللازمة علیه وتمّ طبعه بحمد الله فی ثلاثة مجلدات، أمّا فی الفقه فلدینا کتاب «أنوار الفقاهة» والمجلد الأول منه یتضمن کتاب البیع، والمجلد الثانی کتاب المکاسب المحرمة، والمجلد الثالث کتاب الخمس والأنفال، والمجلد الرابع کتاب الحدود والتعزیرات، وکذلک لدینا تعلیقة على جمیع العروة الوثقى، وهذه التعلیقة على العروة شرعت بها قبل عشر سنوات وخلافاً للمعتاد سعیت إلى عدم الاکتفاء والقناعة بالتعلیقة على کل کلمة أو جملة تعکس الفتوى الفقهیة بل سعیت إلى ذکر الدلیل الأصلی على هذه الفتوى لتکون مفیدة بالنسبة لی وللآخرین، أی أنّها تمثل دورة فقهیة نصف مستدلة تقریباً. وأنا أشکر الله تعالى على أنّ هذه الزحمات لم تذهب هدراً بل بقیت فی متناول الطلاّب الأعزاء لینتفعوا بها.
والتألیف الآخر هو دورة «القواعد الفقهیة» التی کانت من بدایة طبعها ونشرها تمثل ابداعاً فی هذا الفن، حیث بحثت فیها ثلاثون قاعدة فقهیة لم تبحث بصورة جیدة، لا فی اصول الفقه ولا فی أبحاث الفقه، وقد تحملت متاعب کبیرة فی جمعها ودراستها قبل أن یخرج کتاب «القواعد الفقهیة» للمرحوم العلاّمة البجنوردی، وقد ألفتها فی مجلدین وتکرر طبعها عدّة مرات وکانت محل استقبال جید من قبل الفضلاء والطلاّب الأعزاء، وأحیاناً تعرض بشکل کتاب درسی فی بعض الحوزات العلمیة».
