ویحدّثنا هذا الاستاذ الکبیر فی هذا المجال ویقول:
«لم أکن بحمد الله أتعب من العمل، والآن وقد بلغت من العمر سبعین سنة فأنا أعمل أحیاناً فی بعض الأیّام مدّة أربعة عشر ساعة فی الیوم، وبما أننی أحبّ العمل والفعالیة فانّ هذه الرغبة تسبب زیادة روح النشاط فی نفسی بعیداً عن حالة التعب، ولعلّکم تعجبون ممّا أذکره لکم بأننی أحیاناً أغرق فی العمل إلى درجة أننی إذا أردت تقلیم أظافری فإننی أقوم بتقلیم أظافر کفّ واحدة فی هذا الیوم ولا أجد وقتاً کافیاً لتقلیم أظافر الید الاُخرى، فاُوکل أمرها إلى الغد، وأحیاناً لا أجد الوقت لأن أشرب الماء، ولا أحسّ بذلک إلاّ إذا اشتدّ بی العطش لأننی لا أجد فرصة فی أثناء عملی لشرب الماء، هذه الاُمور قد تورث العجب لدى البعض ولکن بالنسبة إلى الأشخاص الذین یعیشون قریباً من هذه الأجواء فلا یتعجبون من ذلک، والأقرباء والأهل بدورهم یدرکون جیداً هذه الحالة».
وهذه الملاحظة تحلّ مسألة کثرة تألیفات الاستاذ «أکثر من مائة کتاب» وترد شبهة العجلة فی کتابة وتألیف هذه الکتب بأن تضحی العجلة بالکیفیة لحساب الکمیة، «وربّما تصحّ هذه المقولة بالنسبة لبعض المؤلفین الذین عُرفوا بکثرة تألیفاتهم» فالشخص الذی یشتغل أربعة عشر ساعة أو أکثر فی الیوم لا نتعجب لکثرة تألیفاتهم، وکما یقول بعض(1)أصحابه عنه:
«کان یستیقظ آخر ساعة من اللیل وبعد الإتیان بالنوافل یصلی صلاة الصبح ثم یشتغل بالمطالعة إلى أن یحین موعد تناول طعام الفطور ثم یخرج من غرفته لممارسة نشاطاته العلمیة الاُخرى من الدرس والتدریس».
ولا سیّما إذا أخذنا بنظر الاعتبار سرعة العمل وملکة النبوغ الذاتی والذهن الخلاّق الذی مرّ الکلام عنه سابقاً وسرعة البدیهة ودرک المطالب والمسائل العمیقة فانّ مثل هذا الشخص یمکنه الجمع بین کثرة التألیف والدقّة والعمق فی مجال الموضوعات العلمیة.
1. آیة الله المحفوظی.
