وقد سبق أن تحدّثنا عن تعبّد الاستاذ وتهجّده وتواضعه الکبیر فی فصل «اخلاص النیّة»
وهنا نقول أنّ سماحة الاستاذ یهتم کثیراً بمجالس أهل البیت(علیهم السلام) ویقیم هذه المجالس فی کل سنة فی لیلة عید الغدیر ولیلة ولادة الإمام صاحب الزمان ولیالی الفاطمیة من کل عام. وهذه المجالس معروفة عند أتباع أهل البیت(علیهم السلام)، مضافاً إلى ذلک تمّ اصدار کراسات فی حیاة وفضائل الصدیقة الکبرى فاطمة الزهراء(علیها السلام)، وهی فی الحقیقة مجموعة محاضرات وبحوث کان الاستاذ یلقیها على الطلاّب فی لیالی الفاطمیة من کل عام، وقد صدر کتاب بعنوان «الزهراء(علیها السلام) أفضل نساء العالمین»، ویتحدّث لنا سماحة الاستاذ عن قصته فی مورد مقولته بأنّ فاطمة الزهراء(علیها السلام) مظهر «یا من یقبل الیسیر» ویقول:
«إنّ هیئة محبّی فاطمة الزهراء(علیها السلام) فی مشهد کانوا یقیمون احتفالاً فی کل عام بمناسبة ولادة فاطمة الزهراء(علیها السلام) فی عشرین جمادی الثانیة، وأحد ابتکاراتهم فی هذا المجال أنّهم کانوا یقدّمون لکل شخص من الحضار علبة من الحلویات مع کتاب جدید حول عظمة الزهراء(علیها السلام) وفضائلها، وبذلک یضفون على الحفل البهیج مزیداً من الثقافة الدینیة، وقد طلبوا منی تألیف کتاب مختصر فی هذا المجال، وقد تمّ طبع هذا الکتاب مع مضامین جدیدة وتمّ نشره فی ذلک المجلس فی مشهد قبل أن ینتشر فی مناطق اُخرى، وفجأة وصلت لی رسالة من شخص جلیل فی اصفهان یقول فیها ما مضمونه: إنّنی لا أعلم ماذا صنعت حتى تکون مورد اهتمام وتوجه فاطمة الزهراء(علیها السلام)، لأننی رأیتک فی عالم الرؤیا فی مجلس حافل ومجلل وقد حضر فیه سید جلیل القدر (والظاهر أنّه رسول الله(صلى الله علیه وآله)) وقال لی: إنّ الشیخ مکارم قدّم خدمة لفاطمة الزهراء، فاستیقظت من نومی ولم أعلم شیئاً عن تأویل الرؤیة، واُرید أن تحدّثنی بالمسألة؟ فتحدّثت بهذه الرؤیة لأحد علماء مشهد وقلت له: إننی لم اُقدّم شیئاً سوى القلیل جدّاً، فقال: ألم تعلم أنّ فاطمة الزهراء(علیها السلام) مظهر الاسم المقدّس «یا من یقبل الیسیر»؟!».
إنّ الکثیر من الأشخاص الذین یتحرکون فی حیاتهم من موقع السعی الجاد وبذل الجهد اللازم إلاّ أنّهم لا یمتلکون الذکاء المناسب، والکثیر من الأشخاص یمتلکون القابلیة والذکاء والنبوغ، إلاّ أنّهم لا یتحرکون على مستوى الجدیة فی العمل واستثمار هذه المواهب والطاقات على مستوى العمل والممارسة، وهناک بعض الأشخاص الذین یتمتعون بالنبوغ والقابلیات الذاتیة مضافاً إلى النشاط والجدیة والاستقامة فی العمل ولکنّهم یغفلون عن عنصر الامدادات الغیبیة والاستفادة من أنوار الولایة، ولکنّ سماحة الاستاذ قد جمع بشکل کامل بین هذه النعم الثلاث، وقد تقدّم الکلام عن النبوغ والقابلیة الذاتیة فی فصل «النبوغ والموهبة الذاتیة»، أمّا الحدیث عن الاستقامة والجدیة والعمل فقد تقدّم الکلام عنه فی ما سبق تحت عنوان «دوام العمل» و«الجدیة والاستقامة»، وفی هذا الصدد تحدّث الاستاذ یوماً وقال: «یقال أنّه لا یمکن حمل بطیختین بید واحدة فی حین أننی أحمل عدّة بطیخات بید واحدة».
وأمّا الاستفادة من أنوار الولایة فالبرغم من أنّ الجمیع یعلم أنّ الاشتغالات العلمیة والنشاطات الفکریة تستغرق وقتاً کبیراً وتورث صاحبها الغفلة عن الاُمور الاُخرى والالتفات إلى ما حوله وما یحیط به، إلاّ أنّ الاستاذ مع کثرة اشتغالاته لم یغفل اطلاقاً عن التشرف بحرم السیدة المعصومة(علیها السلام) وکذلک الذهاب إلى مسجد جمکران فی طول المدّة.
