إنّ إستعراض الکلام، عن أهمیّة ذِکر الله فی الأحادیث الإسلامیّة، لا یتّسع له هذا الُمختصر، و ما نَبتغیه فی هذا المجال، هو أنّ ذکرَ الله، یعدّ من العوامِلَ المهمّة فی تهذیب النّفوس و تشذیب الأخلاق و بناء الرّوح، و قد أغنتنا الرّوایات فی هذا المجال، و ما وَرد عن المعصومین الأربعة عشر، إلى ما شاء الله، ولکنّنا نختار منها ما یلی:
1 ـ نقرأ فی حدیث عن الإمام أمیر المؤمنین(علیه السلام)، أنّه قال: «مَن عَمَّرَ قَلْبَهُ بِدَوامِ الذِّکرِ حَسُنَتْ أَفْعالُهُ فی السِّرِّ وَالجَهْرِ»(1).
فقد بیّن الحدیث الشّریف، هذه العلاقة و الرّابطة بوضوح تامّ.
2 ـ نقرأ فی حدیث آخر عن الإمام(علیه السلام) نفسه، حیث قال: «مُداومَةُ الذِّکرِ قُوتُ الأَرواحِ وَ مِفْتاحُ الصَّلاحِ»(2).
3 ـ و عنه(علیه السلام) أیضاً، قال: «أصلُ صلاحِ القَلبِ إِشتِغالُهُ بِذِکْرِ اللهِ»(3).
4 ـ و أیضاً فی حدیث آخر عنه(علیه السلام)، قال: «ذِکرُ الله دَواءُ أَعلالِ النُّفُوسِ»(4).
5 ـ و عنه (علیه السلام)، قال: «ذِکرُ اللهِ رَأسُ مالِ مُؤمِن، وَرِبْحُهُ السَّلامَةُ مِنَ الشَّیطانِ»(5).
6 ـ و أیضاً عن هذا الإمام الهمام(علیه السلام)، أنّه قال: «الذِّکْرُ جَلاءُ البَصائِرِ وَنُورُ السَّرائِرِ»(6).
7 ـ و أیضاً عن إمام المتقین(علیه السلام)، قال: «مَنْ ذَکَرَ اللهَ سُبحانَهُ أَحیَى قَلبَهُ وَنَوَّرَ عَقْلَهُ وَلُبَّهُ»(7)
8 ـ و أیضاً عن الإمام نفسه(علیه السلام)، أنّه قال: «إسْتَدیمُوا الذِّکْرَ فَإنَّهُ یُنِیرُ القَلبَ وَهُوَ أَفْضَلُ العِبادَةِ»(8)
9 ـ وَرد فی «میزان الحکمة»، عن الإمام أمیر المؤمنین(علیه السلام)، أنّه قال: «اُذْکُرُوا اللهَ ذِکْراً خالِصاً، تَحْیُوا بِهِ أَفْضَلَ الحَیاةِ وَتَسْلُکُوا بِهِ طُرُقَ النَّجاةِ»(9).
10 ـ وَ وَرد عن الإمام علی(علیه السلام) فی نهج البلاغة، فی وصیّته المعروفة لإبنه الإمام الحسن(علیه السلام)، أنّه قال: «اُوصِیکَ بِتَقوَى اللهِ یا بُنَیَّ! وَلُزُومِ أَمْرِهِ وَعِمارَةِ قَلْبِکَ بِذِکْرِهِ»(10).
11 ـ وَرد فی غُرر الحِکم، عن مولى الموحدین أمیر المؤمنین علىّ(علیه السلام)، قال: «ذِکْرُ اللهِ مَطْرَدَةُ لِلشَّیطانِ».
12 ـ وَلِحُسن الخِتام، نَختم هذا البحث، بحدیث عن الرّسول الأکرم(صلى الله علیه وآله)، وإن کانت هناک روایاتٌ وافرةٌ لا یسعها هذا المختصر، قال: «ذِکْرُ اللهِ شِفاءُ القُلُوبِ»(11).
و نَستلهم ممّا ذُکر آنفاً، أنّ ذِکر الله تعالى، له علاقةٌ وثیقةٌ و قریبةٌ جدّاً بتهذیب النّفوس، فهوُ ینَوّر القلب، و یجلو الرّوح من عناصر الکِبَر و الغُرور و البخل و الحَسد، و الأهمّ من ذلک أنّه یطرد الشّیطان الرجیم، من واقع الإنسان الدّاخلی، وَ یُعید لِلنفس ثِقتها.
و على حدِّ تعبیر بعض العلماء الأکارم، أنّ القلب لا یَخلو من أمرین، لا یجتمعان فی مکان واحد، فإمّا أن یتّجه لِذکر الله سُبحانه و تعالى و یغذیه بنوره و یطرد منه الظّلمات و الشّیطان، و إمّا أن یکون مَرتعاً و مَلعباً لِلشَیطان الرّجیم و وساوسه، یوجهه حیث یشاء.
و من جهة اُخرى، فإنّ الذّات المقدسة هی مصدر لکلِّ الکمالات، و ذکر الله تعالى یُؤدّی إلى أنّ الإنسان یقترب من ذلک المصدر فی کلّ یوم، و بالتّالی یتحرک فی طریق الإبتعاد عن الرّذائل الأخلاقیّة و الأهواء النّفسانیة، التی تنبع من النّقص المعنوی فی واقع النّفس.
و بناءً على ذلک یجب الإستعانة بهذا السّلاح الماضی، و النّور المخترق لِلظلمات، لِلعبور من متاهات هذا الطّریق الموحش المُظلم، المحفوف بالأخطار الجسیمة، إلى جادّة السّلام، و الکمال الإلهی فی عالم النّفس، ممّا یورث إستقرارها و إتّصالها ببارئها.
و نُکمِّل بحثنا بثلاثِ نقاط، و ملاحظات، لا تخلو من فائدة: