نقد وتحلیل

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأخلاق فی القرآن 1
6.اُصول المسائل الأخلاقیّة فی القرآن الکریمالعودة للاُصول الأخلاقیّة فی القرآن الکریم

إنّ التّقسیم الرّباعی المذکور، لیس وکما یبدو أنّه شیء مُبتکر من قبل حکماء الإسلام، بل هو نتیجة تحلیلات علماء إلاسلام لکلمات حکماء الیونان، و إسترفادهم من نظریاتهم وآرائهم بعد تنقیحها، رغم وجود إشارات لها فی مصادرنا الروائیّة، کما جاء فی الروایة المرسلة المنسوبة للإمام أمیر المؤمنین(علیه السلام)، حیث قال:

 

«الفَضائِلُ الأربَعَة أَجناس: أحَدُهُما: الحِکْمَةُ وَقِوامُها فِی الفِکرَةِ، و الثَّانِی: العِفَّةُ وَقِوامُها فی الشَّهوَةِ، وَالثَّالِثُ: القُوَّةُ وَقِوامُها فِی الغَضَبِ، وَالرّابِعُ: العَدلُ وَقِوامُهُ فی إِعتِدالِ قُوى النَّفسِ»(1).

فکما ترون، أنّ هذا الحدیث لا یوافق بصورة کاملة، تلک التّقسیمات الأربعة التی ذکرها علماء الأخلاق، بل هو قریبٌ منها، وکما أشرنا سابقاً أنّ الحدیث مُرسلٌ و سندُه لا یخلو من إشکال.

—–

و على کلّ حال فإنّ هذه الاُطروحة، الّتی ذکرها علماء الأخلاق، أو حُکماء الإغریق والیونان، ترد علیها هذه المآخذ:

1 ـ بعض الملکات الأخلاقیة، «والّتی هی جزءٌ من الفضائل الأخلاقیّة قطعاً»، نلاقی صُعوبةً فی إدخالها تحت أحد هذه الاُصول الأربعة، فمثلاً (حُسن الظّن)، یُعتبر من الفضائل، و یقابله (سُوء الظن)، فإذا أردنا إدخاله تحت أحد هذه الاُصول، فیجب أن ینضوی فی دائرة الحکمة، والحال أنّنا لا یمکننا أن نجعله من فروع الحکمة، لأنّ حُسن الظّن شیءٌ آخر غیر التّشخیص الصّحیح للواقعیات، و رُبّما ینفصل عنه بوضوح، بمعنى أنّ القرائن الظنیّة تشیر إلى صدور الذّنب و الخطأ من شخص ما، لکن و بحسن الظنّ یتجاوز عنها.

و کذلک الصّبر على النوائب، و الشکر على النّعمة، فهو بلا شک یعتبر من الفضائل، لکنّنا لا نستطیع أن نجعله فی دائرة قوّة التّشخیص والإدراک، ولا فی مسألة جلب المنافع ولا دفع المضار، خُصوصاً إذا کان الشّخص الصّابر و الشّاکر، لا یرتجی منها نفعاً مستقبلیاً، و تمسّکه بها إنّما کان لقیمتها الذاتیّة، (أی: الصّبر و الشّکر).

وقد یوجد غیر قلیل من أمثال هذه الفضائل، التی لا یمکن أن نجعلها وندرجها تحت أحد هذه العناویین.

2 ـ «الحکمة» تعتبر من اُصول الفضائل الأخلاقیّة، و الإفراط و التّفریط فیها تُعتبر من الرّذائل الأخلاقیّة، والحال أنّ الحکمة ترجع إلى تشخیص الحقائق و الوقائع، و تعود الأخلاق للعواطف والغرائز والملکات النفسیّة، و لا تعود لإدراکات العقل، و علیه لا یُقال إنّ الُمتفتح الذّهن هو حسن الأخلاق، فالأخلاق یمکن أن تکون وسیلةً و أداةً للعقل، و لا تُعتبر قوّة العقل والإدراک من الأخلاق، أو بعبارة اُخرى: أنّ العقل و قوّة الإدراک هی الموجّهة لعواطف وغرائز الإنسان، فی حرکة الحیاة و السّلوک، و تعطیها شکلها الأَوفق، والأخلاق هی کیفیّةٌ تعرض على الغرائز و المیول الإنسانیّة.

3 ـ الإصرارُ على أنّ الفضائل الأخلاقیّة دائماً، هو الحدّ الأوسط بین الإفراط و التّفریط: لا یبدو سلیماً، و إن کان فی الأغلب هو کذلک، لأنّنا نجد موارد لا یتحقّق فیها الإفراط، فمثلاً القُوّة العقلیّة، کلّما کانت أقوى کانت أفضل، و لا یُتصوّر فیها إفراط، فلیس من الصحیح جعل

«الدّهاء والمکر»، هو الإفراط فی القوّة العقلیة، لأنّ «الدّهاء والمکر» لا ینشأ من الذّکاء والفهم، بل هو نوعٌ من الإنحراف و الإشتباه فی المسائل، للعجلة فی الحکم على الاُمور و ما یُشابهها.

فالرّسول الأکرم(صلى الله علیه وآله)، وصل إلى درجة فی العقل و الفکر، بحیث اُطلق علیه العَقلُ الکلّ، فهل هذا مخالفٌ للفضیلة؟!

و صحیحٌ أنّ العقل و الذّکاء المُفرط، یسبّب آلاماً ومصاعب لا یلاقیها الغافلون، غیر المطّلعین، ولکنّه مع ذلک یعتبر من الفضائل والکمالات.

وکذلک «العدالة»، حسبوها من الفضائل الأخلاقیّة، و الإفراط و التّفریط فیها هو «الظّلم» و«الإنظِلام»، أی (قبول الظّلم)، و الحال أنّ قبول الظّلم والإنصیاع له لا یمکن أن یُعتبر من التّفریط فی العدالة أبداً، بل هو مقولةٌ اُخرى.

وبناءاً على ذلک، فمسألة الإعتدال فی صِفات الفضیلة، فی مقابل الإفراط و التّفریط للصّفات الرّذیلة، یمکن أن یکون مقبولاً فی أغلب الموارد، ولکن لا یمکن أن یُعتبر حُکماً عامّاً، و أصلاً أساسیاً فی البحوث الأخلاقیّة.

النتیجة: أنّ الاُصول الأربعة التی أعدّها القدماء للأخلاق، هی فی الواقع إکمالٌ لما جاء به فلاسفةُ الیونان القُدماء، لکنّها لا یمکن أن تکون نموذجاً ومقسماً جامعاً للصّفات الأخلاقیّة، وإن کانت تصدق على کثیر من المسائل الأخلاقیّة.

—–

 


1. بحار الأنوار، ج75، ص81، ح86.

 

6.اُصول المسائل الأخلاقیّة فی القرآن الکریمالعودة للاُصول الأخلاقیّة فی القرآن الکریم
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma