تفسیر و إستنتاج

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأخلاق فی القرآن 1
الرّیاءالرّیاء فی الرّوایات الإسلامیّة

«الآیة الاُولى»: تبیّن أن المنّ بالصدقات و إیذاء الآخرین، یدخل فی عداد الرّیاء و یمحق أعمال الخیر، وتبیّن أنّ المرائی لا یعیش الإیمان بالله ولا بالیوم الآخر، (یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِکُمْ بِالْمَنِّ وَالاَْذَى... )، وبعدها یشبّه هؤلاء الناس بمثل الذی یُنفق أمواله من
موقع الرّیاء: (کَالَّذِی یُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلاَ یُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْیَوْمِ الاْخِرِ... ).

وجاء فی ذیل الآیة: تشبیهٌ جمیلٌ جدّاًٌ لأعمالهم العقیمة، التی لا تثمر فی نطاق المعنویّات و ترتب الثّواب، فأعمالهم کالصّخر الذی یعلوه التراب، فیَشتَبِه الفلاح فی أمره، فیبذر فیه البذور بأمل الخصب و الزّرع، فیأتی المطر ویزیل کلّ شیء، فقال: (فَمَثَلُهُ کَمَثَلِ صَفْوَان عَلَیْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَکَهُ صَلْداً ).

و من المؤکد أنّ مثل هذا العمل و الزرع، لن یثمر أو یورق، فکذلک سبحانه و تعالى، لا یهدی من ینطلق فی تعامله مع الله تعالى من موقع الرّیاء والکفر، (لاَ یَقْدِرُونَ عَلَى شَیْء مِمَّا کَسَبُوا وَاللهُ لاَ یَهْدِی الْقَوْمَ الْکَافِرِینَ ).

فعرّفت الآیة مثل هؤلاء الأفراد بالمرائین الذین لا یؤمنون بالله ولا بالیوم الآخر، و مرّة اُخرى عرّفتهم بالکافرین، الذین تتحرک أعمالهم کالسّراب المخادع، الذی لا قیمة له، لأنّهم بذروا أعمالهم فی أرض الرّیاء السّبخة التی لا تصلح للزراعة، و یوجد إحتمال آخر فی تفسیر الآیة، و هو أنّ المرائی نفسه بمثابة قطعة الصّخر، التی لا یثبت علیها التراب، ولا یفید معه أیّ بذر من بذور الخیر و الصّلاح.

نعم! فأرواحهم مریضةٌ و أعمالهم عقیمة، لا تقوم على أساس من الخیر، و نیّاتهم مشوبة بدرن الرّیاء و الشّرک الخَفی.

و اللّطیف: أنّ الآیة التی تلتها فی سورة البقرة، شبّهت أعمال المخلصین، بجُنینة لا بذور فیها إلاّ بذور الصّلاح، فأصابها وابلٌ فنبتت نَباتاً حسناً، فأثمرت ثمراً مضاعفاً و مُبارکاً فیها.

—–

«الآیة الثانیة»: خاطبت الرّسول الأکرم(صلى الله علیه وآله)، و أمرته بإیصال التّوحید الخالص للنّاس، إنسجاماً مع خطّ الرّسالة، و بإعتبار أَنَّ التّوحیدَ أصلٌ أساسی فی الإسلام: (قُلْ إِنّما أَنا بَشَرٌ مِثلُکُمْ یُوحى إِلَیَّ إِنّما إِلَهُکُم إِلهٌ واحِدٌ ).

و بذلک یستوحی المؤمن من جو الآیة الکریمة، أنّ الأعمال یجب أن تکون خالصةً و منزّهةً من أدران الشّرک: (فَمَنْ کَانَ یَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْیَعْمَلْ عَمَلا صَالِحاً وَلاَ یُشْرِکْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ).

و علیه فإنّ الشّرک فی العبادة، یهدم أساس التّوحید، و الإعتقاد بالمعاد فی حرکة الإنسان و الحیاة، أو بتعبیر أدق: فإنّ جواز السّفر إلى الجنّة الخالدة، یتمثل بِخُلوص العمل فی دائرة السّلوک و النیّة.

و جاء فی شأن نزول الآیة: قال إبن عباس: أنّها نزلت فی جُندب بن زهیر العامری، قال: یا

رسول الله إنّی أعمل العمل لله تعالى، واُرید به وجه الله تعالى، إلاّ أنّه إذا إطّلع علیه أحد من الناس سرّنی; فقال النّبی(صلى الله علیه وآله): «إنَّ اللهَ طَیِّبٌ وَلا یَقْبَلُ إِلاّ الطَّیِّبَ وَلا یَقْبَلُ ما شُورِکَ فِیهِ»(1).

وجاء فی شأن نزول الآیة أیضاً، قال طاووس: قال رجل: یا رسول لله! إنی اُحبّ الجهاد فی سبیل الله تعالى واُحبّ أن یرى مکانی، فنزلت الآیة.(2)

وَ وَرد مثل هذا المضمون بالنّسبة للإنفاق وصِلة الرّحم(3)، وتبیّن أنّ الآیة الآنفة: نزلت بعد الأسئلة المختلفة، فی الأعمال المشوبة بغیر الأهداف الإلهیّة، و قد إعتبرت المُرائی على حدّ من یعیش حالة الشّرک بالله و الشّخص الذی لا إیمان له بالآخرة.

و نقرأ فی حدیث آخر، عن الرّسول الأکرم(صلى الله علیه وآله): «مَنْ صَلّى یُرائی فَقَدْ أَشرَکَ، وَ مَنْ صامَ یُرائِی فَقَدْ أَشرَکَ، وَمَنْ تَصَدَّقَ یُرائی فَقَدْ أَشرَکَ، ثُمَّ قَرَأ: فَمَنْ کانَ یَرجُوا لِقاءَ رَبِّهِ...»(4).

—–

«الآیة الثّالثة»: بیّنت أنّ الرّیاء هو من فعل المنافقین: (إِنَّ الْمُنَافِقِینَ یُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاَةِ قَامُوا کُسَالَى یُرَاءُونَ النَّاسَ وَلاَ یَذْکُرُونَ اللهَ إِلاَّ قَلِیلا ).

والجدیر بالذکر أنّ النّفاق عبارةٌ عن إزدواجیة الظّاهر والباطن، وکذلک الرّیاء فهو إزدواجیة الظاهر والباطن، حیث یتحرک المرائی فی أعماله لجلب الأنظار، فمن الطّبیعی أن یکون الرّیاء من برامج المنافقین.

—–

«الآیة الرابعة»: إعتبرت الأعمال التی ینطلق بها الإنسان من موقع الرّیاء، مساویةٌ لعدم الإیمان بالله تعالى والیوم الأخر: (وَالَّذِینَ یُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ وَلاَ یُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِالْیَوْمِ الاْخِرِ وَمَنْ یَکُنْ الشَّیْطَانُ لَهُ قَرِیناً فَسَاءَ قَرِیناً ).

و علیه فإنّ المرائین هم أصحاب الشیطان، الذین یفتقدون الإیمان الحقیقی بالمبدأ و المعاد.

—–

 

«الآیة الخامسة»: تنهى المسلمین من التشبّه بأعمال المشرکین الکفّار، الذین لا یفعلون شیئاً إلاّ للریاء و التّفاخر فقط: (وَلاَ تَکُونُوا کَالَّذِینَ خَرَجُوا مِنْ دِیَارِهِمْ بَطَراً وَرِئَاءَ النَّاسِ وَیَصُدُّونَ عَنْ سَبِیلِ اللهِ وَاللهُ بِمَا یَعْمَلُونَ مُحِیطٌ ).

فطبقاً للقرائن و الشواهد الموجودة، وتصدیق المفسّرین، فإنّ هذه تشیر إلى خروج المشرکین من قریش فی یوم بَدر، بحلیّهم وزینتهم وقد جلبوا معهم آلات الطّرب و اللّعب و اللّهو و النبّیذ، وهم یقصدون جلب أنظار أصحابهم من المشرکین الوثنیین.

و جاء فی بعض التّفاسیر، أنّ منطقة بدر، کانت تعتبر من المراکز التّجاریة لعرب الجاهلیّة فی وقتها، و أنّ أبا جهل جاء بوسائل الطرب و الجواری، لغرض مُراءاة النّاس، وفَقْأ العیون کما یقول المثل الشّائع.

و على کلّ حال، فإنّ القرآن الکریم قد نهى المؤمنین من أمثال هذه الأعمال الشائنة، و دعاهم إلى ترویض النّفس بالإخلاص و التّقوى، للتغلب على تلک الحالات النفّسیة الخطرة، و أن لا ینسوا مصیر المُرائین و أتباع الشّیطان فی معرکة بدر.

—–

«و الآیة الأخیرة»: من الآیات مورد البحث، نجدها تذّم الرّیاء ولکن بصورة اُخرى فتقول: (فَوَیْلٌ لِلْمُصَلِّینَ * الَّذِینَ هُمْ عَنْ صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِینَ هُمْ یُرَاءُونَ * وَیَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ).

فقد جاءت کلمة «الویل»، فی (27) مورداً من القرآن، و إختصّت فی الأغلب بالذّنوب الکبیرة الخطرة جدّاً، وهنا تحکی عن شدّة قُبح ذلک العمل فی واقع الإنسان و روحه.

إنّ ما ورد فی الآیات الآنفة الذکر، یوضح إلى درجة کبیرة، قُبحَ هذه الخطیئة، و أخطارها و آثارها السلبیّة على سعادة الإنسان فی حرکة الحیاة، و من الواضح فإنّ الرّیاء یقف حَجرَ عثرة فی طریق تهذیب النّفس، و طهارة القلب و الرّوح للإنسان المؤمن.


1. تفسیر القُرطبی، ج11، ص69.
2. المصدر السابق.
3. المصدر السابق.
4. الدر المنثور، (طبقاً لتفسیر المیزان، ج13، ص407).

 

الرّیاءالرّیاء فی الرّوایات الإسلامیّة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma