علاقة «العلم» و «الأخلاق» فی الأحادیث الإسلامیّة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأخلاق فی القرآن 1
النتیجة5 ـ دور الثّقافة الإجتماعیّة فی تربیة الفضائل والرذائل

الأحادیث الإسلامیّة من جهتها، مشحونة بالعبارات الحکیمة الّتی تبیّن العلاقة الوثیقة بین العلم والمعرفة من جهة، وبین الفضائل الأخلاقیّة من جهة اُخرى، وکذلک علاقة الجهل بالرّذائل أیضاً. وهنا نستعرض بعضاً منها:

1 ـ بیّن الإمام علی(علیه السلام) علاقة المعرفة بالزهد، الذی یُعدّ من أهمّ الفضائل الأخلاقیّة، فقال:

«ثَمَرةُ المَعرِفَةِ العُزُوفُ عَِنْ الدُّنیا»(1).

2 ـ وَ وَرد فی حدیث آخر عنه(علیه السلام)، قال:

«یَسیرُ المَعرِفةِ یُوجِبُ الزُّهدَ فِی الدُّنیا»(2).

و المعرفة هنا یمکن أن تکون إشارةً لمعرفة الباری تعالى، فکلّ شیء فی مقابل ذاته المقدّسة لا قیمة له، فما قیمة القَطرة بالنسبة للبحر، و نفس هذا المعنى یمثّل أحد أسباب الزهد فی الدنیا وزبرجها، أو هو إشارةٌ لعدم ثبات الحیاة فی الدّنیا، و فناء الأقوام السّابقة، و هذا المعنى أیضاً یحثّ الإنسان على التّحرک فی سلوکه و أفکاره، من موقع الزّهد، و یوجّهه نحو الآخرة و النّعیم المقیم، أو هو إشارةٌ لجمیع ما ذُکر آنفاً.

3 ـ وَ وَرد عنه(علیه السلام) فی حدیث آخر، بیان علاقة الغِنى الذّاتی، و ترک الحرص على الاُمور الدنیویة، بالعلم والمعرفة، فقال:

«مَنْ سَکَنَ قلْبَهُ العِلْمُ بِاللهِ سُبحانَهُ سَکَنَهُ الغِنى عَنْ الخَلْقِ»(3).

و من الواضح أنّ الذی یعیش المعرفة، بالصّفات الجمالیّة و الجلالیّة للباری تعالى، و یرى أنّ العالم کلّه، هو إنعکاسةٌ أو و مضةٌ، من شمس ذاته الأزلیّة الغنیّة بالذات، فیتوکل علیه فقط، و یرى نفسه غنیّاً عن الناس أجمعین، فی إطار هذا التوکّل والإعتماد المطلق على الله تعالى.

4 ـ و جاء فی حدیث عن الرسول الأکرم(صلى الله علیه وآله)، حول معرفة الله وعلاقتها بحفظ اللّسان من الکلام البذیء، و البطن من الحرام، فقال(صلى الله علیه وآله):

«مَنْ عَرَفَ اللهَ وَعَظَمَتَهُ مَنَعَ فاهُ مِنْ الکَلامِ وَبَطْنَهُ مِنَ الحَرامِ»(4).

5 ـ وَرَد عن الإمام الصّادق(علیه السلام)، علاقة المعرفة بالخوف منه تبارک و تعالى، الذی هو بدوره مصدر لکلّ أنواع الفضائل، فقال:

«مَنْ عَرَفَ اللهَ خافَ اللهَ وَمَنْ خافَ اللهَ سَخَتَ نَفْسَهُ عَنِ الدُّنیا»(5).

6 ـ بالنّسبة للعفو وقبول العذر من الناس، قال أمیر المؤمنین(علیه السلام): «أَعْرَفُ النَّاسِ بِاللهِ أَعْذَرَهُم لِلنّاسِ و إِنْ لَمْ یَجِدْ لَهُم عُذراً»(6). (و من البدیهی أنّ هذا الحدیث ناظرٌ إلى المسائل الشخصیّة، لا المسائل الإجتماعیّة).

7 ـ حول معرفة الله و ترک التکبّر، قال(علیه السلام):

«وَ إِنَّهُ لا یَنبَغِی لَمَنْ عَرَفَ عَظَمَةَ اللهِ أنْ یَتَعَظَّمُ»(7).

8 ـ حول العلم والعمل، قال(علیه السلام):

«لَن یُزَّکى العَمَلُ حتّى یُقارِنَهُ العِلْمُ»(8).

ومن المعلوم أنّ طهارة العمل لا تنفکّ عن طهارة الأخلاق.

9 ـ و نقرأ فی حدیث آخر عن الرسول الأکرم(صلى الله علیه وآله)، حول هذا الموضوع:

«بِالعِلمِ یُطاعُ اللهُ وَیُعبَدُ وَبالعِلمِ یُعْرَفُ اللهُ وَیُوَحَّدُ وَبِهِ تُوصَلُ الأَرحامُ وَیُعْرَفُ الحَلالُ وَ الحَرامُ وَ العِلمُ إِمامُ العَمَلِ».(9)

ففی هذا الحدیث، إعتبر کثیراً من السّلوکیّات الأخلاقیّة الإیجابیّة، هی ثمرةٌ من ثمار العلم و المعرفة.

10 ـ ورد نفس هذا المعنى بصراحة أقوى عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام)، أنّه قال:

«ثَمَرَةُ العَقلِ مُداراةُ النَّاسِ»(10).

و فی مقابل الأحادیث التی تتحدث عن العلم و المعرفة، و علاقتها بالفضائل الأخلاقیّة توجد أحادیث شریفة اُخرى، وردت فی المصادر الإسلامیّة حول علاقة الجهل بالرذائل، و هی تأکید آخر لموضوع بحثنا هذا ومنها:

1 ـ فی حدیث عن علی(علیه السلام) قال: «الجَهلُ أَصلُ کُلِّ شرٍّ»(11).

2 ـ و ورد أیضاً عنه(علیه السلام): «الحِرصُ وَالشَّرَهُ والبُخلُ نَتِیجَةُ الجَهلِ»(12).

لأنّ الحریص أو الطّماع، غالباً ما یتحرک فی طلب اُمور زائدة عن إحتیاجه، و فی الحقیقة فإنّ ولعه بالمال و الثّروة و المواهب المادیّة، ولعٌ غیر منطقی و غیر عقلائی، وهکذا حال البخیل أیضاً فبِبُخله یحرص، و یحافظ على أشیاء لن یستفید منها فی حیاته، بل یترکها لغیره بعد موته.

3 ـ و نقل عنه(علیه السلام) فی تعبیر جمیل:

«الجَاهِلُ صَخْرَةٌ لا یَنْفَجِرُ مائُها! وَشَجَرَةٌ لا یَخْضَرُّ عُودُهـا! وَأَرْضٌ لا یَظهَرُ عُشْبُها!»(13).

4 ـ وَ وَرد عنه(علیه السلام) أیضاً، فی إشارة إلى أنّ الجاهل یعیش دائماً فی حالة إفراط أو تفریط، فقال:

«لا تَرى الجَاهِلَ إلاّ مُفْرِطاً أو مُفَرِّطاً»(14).

فطبقاً للرأی المعروف عن علماء الأخلاق، أنّ الفضائل الأخلاقیّة هی الحد الأوسط بین الإفراط و التفریط، الذی ینتهی إلى السّقوط فی الرذائل، ویُستفاد من الحدیث أعلاه، أنّ العلاقة بین الجهل من جهة و الرذائل الأخلاقیّة، من جهة اُخرى، هی علاقةٌ و طیدةٌ جدّاً.

5 ـ یقول کثیر من علماء الأخلاق، أنّ الخُطوة الاُولى لإصلاح الأخلاق، و تهذیب النّفس، هی المحافظة على اللّسان و الإهتمام بإصلاحه، وقد ورد فی الأحادیث الإسلامیّة، تأکید على علاقة الجهل ببذاءة اللّسان، فنقرأ فی حدیث عن الإمام الهادی(علیه السلام): «الجَاهِلُ أَسِیرُ لِسانِهِ»(15).

و خُلاصة القول، أنّ الرّوایات الإسلامیّة الکثیرة أکدت على علاقة العلم بالأخلاق الحسنة، و الجهل بالأخلاق السیّئة، و کلّها تؤید هذه الحقیقة، و هی أنّ إحدى الطّرق المؤثرة لتهذیب النّفوس، هو الصّعود بالمستوى العلمی و المعرفی لِلأفراد، و معرفة المبدأ و المعاد، والعلم بمعطیات الفضائل و الرذائل الأخلاقیة، فی واقع الإنسان والمجتمع.

هذا الصعود بالمستوى العلمی للأفراد على نحوین:

النحو الأول: زیادة المعرفة بسلبیات السّلوک المنحرف، و الإطّلاع على أضرار الرذائل الأخلاقیة بالنسبة للفرد والمجتمع، فمثلاً عندما یُحیط الإنسان علماً، بأضرار المواد المخدّرة أو المشروبات الکحولیة، وأنّ أضرارها لا یمکن اصلاحها على المستوى القریب، فذلک العلم سیهیّىء الأرضیّة فی روح الإنسان، للإقلاع عن تلک السلوکیّات المضرّة، و بناءً علیه فکما أنّه یجب تعریف النّاس بمضرّات المخدرات، و المشروبات الکحولیة، وعلینا تعریف النّاس بطرق مُحاربة الرّذائل و إحصاء عُیوبها، و أسالیب تنمیة الفضائل، و إستجلاء محاسنها، ورغم أنّ ذلک لا یُمثّل العلّة التّامة لإحداث حالة التغییر، و التّحول فی الإنسان، ولکّنه بلا شک یمهّد ویهیّىء الأرضیّة المساعدة لذلک.

القسم الثانی: الصّعود بالمستوى العلمی بصورة عامّة، فعندما یطّلع الإنسان على المعارف الإلهیّة، ومنها المبدأ و المعاد، و أقوال الأنبیاء و الأولیاء، و ما شابه ذلک، فإنّ الإنسان سیجد فی نفسه میلاً نحو الفضائل، و رغبةً فی الإبتعاد عن الرّذائل.

و بعبارة اُخرى: إنّ تدنّی المستوى العلمی بالاُمور العقائدیة، کفیل بخلق محیط مناسب لنمو الرذائل، والعکس صحیحٌ فإنّ زیادة المعرفة تبعث فی روح الإنسان الرّغبة و الشّوق نحو ممارسة الفضیلة.

—–


1. غرر الحکم.
2. المصدر السابق.
3. غرر الحکم.
4. اُصول الکافی، ج2، ص237.
5. المصدر السابق، ص68، ح4.
6. غُرر الحِکم.
7. نهج البلاغة، الخطبة 147.
8. غُرر الحِکم.
9. تحف العقول، ص21.
10. غُرر الحِکم.
11. المصدر السابق.
12. المصدر السابق.
13. المصدر السابق.
14. نهج البلاغة، الکلمات القصار، الرقم 70.
15. بحار الانوار، ج75، ص368.

 

النتیجة5 ـ دور الثّقافة الإجتماعیّة فی تربیة الفضائل والرذائل
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma