4 ـ أرکان التّوبة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأخلاق فی القرآن 1
3 ـ عمومیّة التوبة5 ـ قبول التوبة: هل هو عقلی أم نقلی؟

کما نعلم، أنّ حقیقة التّوبة هو الرّجوع إلى ساحة الباری تعالى، و الإقلاع عن العِصیان، فی ما لو کان ناشئاً من النّدم على ما سبق من الأعمال السّیئة، و لازم النّدم هو العلم بأنّ الذنب یحیل بین المذنب والمحبوب الحقیقی، ویترتب علیه العزم و التّصمیم على عَدم العودة، و على التّحرک لجبران ما فات، و محو آثار الذنوب السّابقة من باطن وجوده وخارجه، و یتحرّک کذلک فی دائرة إعادة الحقوق الباقیة فی ذمّته، وأکّد القرآن الکریم، فی کثیر من الآیات على هذا المعنى، و جعل التّوبة مقارنةً للإصلاح:

1 ـ الآیة (160) من سورة البقرة، و بعد الإشارة إلى ذنب کتمان الآیات الإلهیّة و و العقاب الذی یترتب على ذلک قالت: (إِلاَّ الَّذِینَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَیَّنُوا فَأُوْلَئِکَ أَتُوبُ عَلَیْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِیمُ ).

 

2 ـ الآیة (89) من سورة آل عمران، و بعد إشارتها لمسألة الإرتداد و عقابها، یقول تعالى: (إِلاَّ الَّذِینَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِکَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ )

3 ـ الآیة (146) من سورة النساء، وبعد إشارتها للمنافقین، و عاقبة أمرهم السّیئة، تذکر: (إِلاَّ الَّذِینَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَ اُعْتَصَمُوا بِاللهِ وَأَخْلَصُوا دِینَهُمْ للهِِ ).

4 ـ و فی الآیة (5) من سورة النّور، و بعد ذکرها للعقوبة الشّدیدة المترتبّة على القَذَف، فی الدنیا و الآخرة، ذکرت: (إِلاَّ الَّذِینَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِکَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ ).

5 ـ وبالتالی نرى عنصر التّوبة، بمثابة قانون کلّی یستوعب فی نطاقه جمیع الذّنوب، فقال تعالى فی الآیة (119) من سورة النحل: (ثُمَّ إِنَّ رَبَّکَ لِلَّذِینَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَة ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِکَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّکَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِیمٌ ).

6 ـ ورد شبیه لهذا المعنى، فی الآیة (82) من سورة طه: (وَإِنّی لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اُهْتَدَى ).

و أشارت الآیة الکریمة هنا، بالإضافة إلى رُکنی التّوبة الأساسییّن، و هما: العودة إلى الله، والعمل الصالح، و جُبران الماضی، ذکرت مسألة الإیمان والهدایة.

و الحقیقة أنّ الذنوب تقلل نور الإیمان فی قلب الإنسان، و تحرفه عن الطّریق، و علیه فإنّه بالتّوبة یجدّد إیمانه و هدایته، فی نطاق إصلاح الباطن.

7 ـ و ورد فی سورة الأنعام، الآیة (45)، معنى مشابه أیضاً: (أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْکُمْ سُوءاً بِجَهَالَة ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ ).

و ممّا ذکر من الآیات الآنفة، تتضح لنا مسألة التّوبة بصورة کاملة، فالتّوبة الحقیقیّةُ لیست بلفظ الإستغفار وحده، و النّدم على ما مضى، و الإقلاع عنه فی المستقبل، بل تتعدّى إلى دائرة الإنفتاح على العمل، لإصلاح کلّ التّقصیرات و المفاسد الّتی صدرت منه فی السّالف، و محو آثارها من نفسه و ورحه و من المجتمع، لتحصیل الطّهارة الکاملة فی واقع الإنسان والحیاة، وطبعاً بالقدر الممکن.

فهذه هی التّوبة الحقیقیّة، ولیس الإستغفار وحده!.

 

و الجدیر بالذّکر أنّ کلمة «الإصلاح»، ورد ذکرها دائماً بعد ذکر التّوبة، کالآیات الآنفة الذّکر، و معناها واسعٌ یشمل کلّ ما فات، من قصور و تقصیرِ یُبعد الإنسان عن خطّ الإیمان، ومنها:

1 ـ التّائب یجب أن یُؤدّی جمیع الحقوق لُمستحقیها، فإنّ کانوا أحیاء فَبِها، و إلاّ فلورثتهم.

2 ـ إذا کان قد تعامل مع الآخرین، من موقع الإهانة و الغیبة، و غیرها من الاُمور السلبیة فی دائرة السلوک، فیجب علیه طلب الحلیة منهَ ورَدّ إعتباره مادام الآخر یعیش فی هذه الدنیا، وإن کان قد وافاه الأجل، فعلیه أن یتحرّک على مستوى إرسال الثّواب لروحه، کی ترضى.

3 ـ أن یَقْضی ما فاته من العبادات: کالصّلاة و الصّیام و دفع الکفارات.

4 ـ نعلم أنّ ممارسة الخطیئة والوقوع فی منحدر الذنوب، یُظلم الرّوح و یسوّد القلب، فعلى التّائب السّعی لتنویر قلبه بالطّاعة و العّبادة، لتنفتح روحه على الله تعالى، فی أجواء الإیمان.

و أفضل و أکمل تفسیر ورد لمعنى الإستغفار، هو ما ورد عن أمیر المؤمنین(علیه السلام)، فی کلماته القصار فی نهج البلاغة:

قال(علیه السلام) لقائل قال بحضرته: «أَسْتَغْفِرُ اللهَ» ـ وکان الإمام أمیر المؤمنین(علیه السلام)یعرف سوابقه و أعماله ـ «ثَکَلَتْکَ اُمُّکَ أَتِدرِی مَا الاسْتِغْفارُ؟ الإسْتِغْفَارُ دَرَجَةُ العِلِّیینَ، وَهَوَ إسمٌ وَاقِعٌ عَلَى سِتَّةِ مَعان».

أَوَّلُهـا النَّدمُ عَلى مَا مَضى.

والثَّانِی العَزْمُ عَلَى تَرْکِ العَودِ إِلَیهِ أَبَداً.

والثَّالِثُ أنْ تُؤَدِّی إِلَى الَمخْلُوقِینَ حُقُوقَهُم حَتَّى تَلقَى اللهَ أَمْلَسَ لَیسَ عَلَیکَ تَبِعَةٌ.

الرّابِعُ أنْ تَعْمِدَ إِلَى کُلِّ فَرِیضَة عَلَیکَ ضَیَّعْتَهـا فَتُؤَدِّیَ حَقَّها.

الخَامِسَ أَنْ تَعْمِدَ إِلَى اللَّحْمِ الَّذِی نَبَتَ عَلى السُّحْتِ فَتُذِیبَهُ بِالأحزَانِ حَتَّى تُلْصِقَ الجِلْدَ بِالعَظمِ، وَیَنْشَأَ بَینَهُما لَحْمٌ جَدِیدٌ.

و السَّادِسَ أَن تُذِیقَ الجِسْمَ أَلَمَ الطَّاعَةِ کَمَا أَذَقْتَهُ حَلاوَةَ المَعْصِیَةِ، فَعِنْدَ ذَلِکَ تَقُولُ: «أَسْتَغْفِرُ اللهَ»(1).

 

ونقل نفس هذا المعنى فی و روایة اُخرى، عن کمیل بن زیاد عن أمیر المؤمنین(علیه السلام)، فقال: یا أمِیرَ المؤمنین العَبْدُ یُصِیبُ الذَّنْبَ فَیَسْتَغْفِرُ اللهَ مَنْهُ فَما حَِدُّ الإستِغْفَارِ؟.

فقال الإمام(علیه السلام): «یا ابْنَ زِیاد التَّوبَةُ».

قلت: بَسْ.

قال(علیه السلام): «لا».

قلت: فَکَیفَ؟

قال(علیه السلام): «إنَّ العَبْدَ إِذا أَصابَ ذَنْبَاً یَقُولُ أَسْتَغْفِرُ اللهَ بِالتَّحْرِیکِ».

قلت: وَما التَّحْرِیکُ؟.

قال(علیه السلام): «الشَّفَتَانِ وَاللِّسانِ یُرِیدُ أَنْ یَتْبِعَ ذَلِکَ بِالحَقِیقَةِ».

قلت: وَ ما الحَقِیقَة؟.

قال(علیه السلام): «تَصْدِیق فِی القَلْبِ وَإِضْمارُ أَنْ لا یَعُودَ إلَى الذَّنْبِ الَّذِی اُسْتَغْفَرَ مِنْهُ».

فقلت: «فإذا فَعَلَ ذَلِکَ فَإِنَّهُ مِنَ المُسْتَغْفِرینَ».

قال(علیه السلام): «لا».

فقال کمیل(رحمه الله)، قلت: فَکَیفَ ذاکَ.

فقال الإمام(علیه السلام): «لاَِنَّکَ لَمْ تَبْلُغْ إِلَى الأَصْلِ بَعْدَهُ».

فقال کمیل(رحمه الله): فَأَصْلِ الإِسْتِغْفـارِ مـا هُوَ؟.

فقال الإمام(علیه السلام): «الرُّجُوعُ إِلَى التَّوبَةِ مِنَ الذَّنْبِ الَّذی إِسْتَغْفَرْتَ مِنْهُ وَهِیَ أَوَّلُ دَرَجَةِ العابِدِینَ».

ثم قال الإمام(علیه السلام): «وَ تَرکُ الذَّنْبِ والإستِغفارِ اسمٌ وَاقِعٌ لِمعان سِتّ».

ثم ذکر نفس المراحل السّتة، المذکورة فی قصار الکلمات لنهج البلاغة، مع قلیل من الاختلاف(2).

و یمکن أن یقال: إنّ التّوبة إذا کانت کما ذکرها أمیر المؤمنین(علیه السلام)، فلن یوجد تائب حقیقی أبداً.

 

ولکن یجب الّتنبّهُ إلى أنّ بعض الشروط السّتة، هی فی الحقیقة من کمال التّوبة، کما فی الشّرط الخامس و السّادس، أمّا الشّروط الأربعة الاُخرى، فهی من الشّروط الواجبة و اللاّزمة، أو کما یقول بعض المحقّقین: إنّ القسم الأول، و الثّانی من أرکان التّوبة، و الثّالث و الرابع هما من الشروط اللاّزمة، و الخامس و السّادس من شروط الکمال(3).

وجاء فی حدیث آخر عن الرسول الأکرم(صلى الله علیه وآله)، أنّه قال: «أمّا عَلامَةُ التَّائِبِ فَأَرْبَعَةٌ: النّصِیحةُ للهِ فِی عَمَلِهِ وَتَرِکُ الباطِلِ وَلُزُومِ الحَقِّ وَالحِرصُ عَلَى الخَیْرِ»(4).

ویجب الإنتباه، أنّ الذّنب إذا تسبّب فی إضلال الآخرین، مثل الدّعایة المضلّة، و البِدعة فی الدّین، سواء کان عن طریق البیان، أو عن طریق الکتابة، فیجب علیه إرشاد الضّالین بالقدر الّذی یستطیع، وإلاّ فلن تُقبل توبته.

و منه یتّضح صعوبة سلوک طریق التوبة، بالنّسبة إلى المحرّفین للآیات الإلهیّة، و المُبتَدِعین فی دین الله تعالى، و الذین یتحرّکون على مستوى إضلال الناس، و سوقهم إلى الإنحراف.

فلیس من الصحیح، أن یُضلّ شخصٌ عدداً غفیراً من النّاس، فی الملأ العام، أو بکتاباته ومقالاته، ثمّ یجلس فی زاویة البیت، و یستغفر الله تعالى لیعفو عنه، فمثل هذه التّوبة، لن تُقبلَ أبداً.

و کذلک الذی یهتک حرمة أحد الأشخاص أمام الملأ، ثم یستحلّ منه على إنفراد، أو یتوب فی خَلوته، فلن تُقبل مثل هذه التّوبة، ما لم یرد إعتبار ذلک الشخص، أمام الملأ العام.

و بناءً على هذا، فإنّنا نقرأ فی الرّوایات عن أشخاص هَتکوا حُرمة الغیر، و اُجری علیهم الحَد، فإنّ توبتهم لن تقبل، إلاّ إذا رجعوا عن غیّهم وکلامهم.

و قد ورد فی حدیث مُعتبر، عن الإمام الصادق(علیه السلام)، قال الرّاوی: سألت أبا عبدلله(علیه السلام)عن المحدود إذا تاب، أتقبل شهادته؟، فقال:

«إذا تابَ وَتَوبَتُهُ أَنْ یَرْجَعَ مِمّا قالَ وَیُکِذِّبَ نَفْسَهُ عِنْدَ الإِمامِ وَ عِنْدَ المُسْلِمِینَ، فإذا فَعَلَ فَإِنَّ عَلَى الإِمامِ أَنْ یَقْبَلَ شَهادَتَهُ بَعْدَ ذَلِک»(5).

وَ وَرد فی حدیث آخر: «أَوصى اللهِ عَزَّوَجَلَّ إِلى نَبِیٍّ مِنَ الأنبِیاءِ، قُلْ لِفُلانَ وَعِزَّتِی لَو دَعَوتَنِی حَتّى تَنْقَطِعَ أَوصالُکَ، ما اُسْتَجَبْتُ لَکَ، حَتّى تَرّدَ مَنْ ماتَ إِلى ما دَعَوتَهُ إِلِیهِ فَیَرْجَعَ عَنْهُ»(6).

فهذا الحدیث یبیّن أهمیّة مسألة الإصلاح، و السّعی لجبران الخلل من موقع التّوبة، و إلى أیّ حدٍّ یمتد فی آفاق الممارسة العملیّة، و بدون ذلک ستکون التّوبة صوریّة أو مقطعیّة.

و آخر ما یمکن أن یقال فی هذا المجال، أنّ من یقنع من الإستغفار بالإسم، مُقابل کثرة الذّنوب و المعاصی، ولا یسعى فی تحصیل أرکانه و شروطه، فکأنّه قد إستهزأ بنفسه، و بالتّوبة و بالإستغفار.

و فی ذلک یقول الإمام الباقر(علیه السلام):

«التّائِبُ مِنَ الذَّنِبِ کَمَنْ لا ذَنْبَ لِهُ، وَالمُقِیمُ عَلَى الذَّنْبِ وَهُوَ مُسْتَغْفِرٌ مِنْهُ کالمُستَهزِىء»(7).


1. نهج البلاغة، الکلمات القصار، الکلمة 417.
2. بحار الأنوار، ج6، ص27.
3. کتاب «گفتار معنوی»، للمرحوم الشهید مطهری، ص139.
4. تُحف العقول، ص32.
5. وسائل الشیعة، ج18، ص283، ج1 باب 37، من أبواب الشّهادات.
6. بحار الأنوار، ج69، ص219.
7. اُصول الکافی، ج 2، ص 435، باب التوبة، ح 10.

 

3 ـ عمومیّة التوبة5 ـ قبول التوبة: هل هو عقلی أم نقلی؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma