تبیّن ممّا جاء فی أجواء تلک العناوین العشرة السّابقة، التی وردت فی سیاق بعض الآیات القرآنیة، علاقة الفضیلة بالعلم من جهة وعلاقة الرذیلة بالجهل، من جهة اُخرى، و قد ثبت لنا بالتجربة ومن خلال المشاهدة، أنّ أشخاصاً کانوا منحرفین بسبب جهلهم، وکانوا یرتکبون القبیح و یمارسون الرّذیلة فی السّابق، ولکنّهم إستقاموا بعد أن وقفوا على خطئهم، و تنبّهوا إلى جهلهم، و أقلعوا عن فعل القبائح و الرذائل، أو قلّلوها إلى أدنى حدٍّ.
و الدّلیل المنطقی لهذا الأمر واضح جدّاً، وذلک لأنّ حرکة الإنسان نحو التّحلی بالصّفات والکمالات الإلهیّة، یحتاج إلى دافع و قصد، وأفضل الدّوافع هو العلم بفوائد الأعمال الصّالحة ومضار القبائح، وکذلک الإطّلاع و التعرّف على المبدأ و المعاد، و سلوکیات الأنبیاء والأولیاء ومذاهبهم الأخلاقیة، فکلّ ذلک بإمکانه أن یکون عاملاً مساعداً، یسوق الإنسان للصّلاح و الفلاح، و الإبتعاد عن الفساد والباطل فی حرکة الحیاة والواقع.
و بالطّبع المراد من العلم هنا، لیس هو الفنون والعلوم المادیّة، لأنّه یوجد الکثیر من العلماء فی دائرة العلوم الدنیویّة، ولکنّهم فاسدین ومفسدین ویتحرکون فی خط الباطل و الإنحراف، ولکن المقصود هو العلم والاطّلاع على القیم الإنسانیة، و التعالیم والمعارف الإلهیّة العالیة، التی تصعد بالإنسان فی مدارج الکمال المعنوی و الأخلاقی، فی مسیرته المعنویة.
—–