من المعلوم أنّ کلّ فعل یفعله الإنسان له أصلٌ و أساس فی باطنه و محتواه الدّاخلی، أو بعبارة اُخرى، إنّ الأعمال هی مرآة باطن الإنسان، فإحداهما بمنزلة الجذر، و الاُخرى بمنزلة السّاق و الأوراق و الّثمر.
و بناءً علیه: فإنّ الأعمال الأخلاقیّة، لا تنفک عن الصّفات الأخلاقیّة، فمثلاً النّفاق، له جذوره فی روح الإنسان، و یحکی عن إزدواجیّة ذلک الشّخص، و عدم توحیده فی دائرة الإیمان، فهذه الصّفة الباطنیّة تحثّ الإنسان على سلوک طریق النّفاق و الرّیاء مع الغیر.
الحسد أیضاً من الصّفات الباطنیّة السلبیّة، حیث یتمنى معه الشّخص الحاسد، زوال النّعم التی أعطاها الباری تعالى لغیره، و تتجلى هذه الصّفة الذّمیمة فی أعماله و أفعاله، التی یرید بها التّصدی لسعادةِ ذلک المحَسود من موقع العداوة والخصومة.
الکِبَر و الغُرور، هی صفاتٌ باطنیّة کذلک، نشأت من جهل الإنسان لقدره و مقامه، و هی ناشئةٌ من عدم تحمل الإنسان لثقل المواهب الإلهیّة، التی یُعطیها الباری له، و یتبیّن هذا الأمر من تصرفاته، و عدم إعتنائه بالغیر، و بذاءة لسانه وتحقیره للآخرین.
و رُبّما، ولأجل ذلک لم یفرق علماء الأخلاق بین هذین الإثنین فی کتبهم الأخلاقیّة، فمرّةً یعرّجون على الصّفات الداخلیة للإنسان، واُخرى یتطرّقون للأعمال الخارجیّة، التی تستمد مقوّماتها من عالم الصّفات الباطنیّة، فیطلق على الأول: «الصّفات الأخلاقیة»، و على الثانی: «الأعمال الأخلاقیّة».
و طبعاً الأعمال الأخلاقیة، هی موضوع المباحث الفقهیّة لدى الفُقهاء، ولکن و مع ذلک، فإنّ علماء الأخلاق قد تناولوها بالبحث فی دائرة السّلوک الأخلاقی للفرد، ومن الطّبیعی فإنّ نظرة عالِم الأخلاق، تختلف عن نظرة الفقیه، فالفقیه یبحث المسألة فی إطار الأحکام الخمسة:
(الحُرمة، الوُجوب، و الإستحباب، و الکراهة، و الإباحة)، و لربّما تطرّق للثواب و العقاب، للأعمال فی نطاق الحیاة الآخرة، ولکن عالِم الأخلاق ینظر إلیها من منظار کمال الرّوح و النّفس، أو إنحطاطها وتسافلها فی خطّ الإنحراف، وبهذا یتبیّن الفرق بین الصّفات و الأفعال الأخلاقیة، ویتمّ من خلالها تمییز نظر الفقیه عن نظر عالِم الأخلاق.
—–
