الثّقافة عبارة عن مجموعة من الاُمور، التی تبنی فکر وروح الإنسان، و تمنحه الدّافع الأصلی للتحرک نحو المسائل المختلفة.
وعلى مستوى المِصداق، تمثّل الثّقافة مجموعةً من العقائد، و التاریخ و الأدب و الفن، و الآداب و الرّسوم لمجتمع ما.
و قد تکلمنا فی السّابق عن بعض معطیات البیئة و المحیط و المعرفة، و دورها فی إیجاد الفضائل و الرّذائل، و نتطرّق الآن لباقی أقسام الثّقافة الإجتماعیّة، و دورها فی تحکیم و تقویة عناصر الخیر، ودعامات الفضائل فی واقع النّفس، أو تعمیق عناصر الرّذیلة فیها.
وأحد هذه الاُمور، العادات و التقالید و السّنن لقوم من الأقوام، فإذا إستوحت مقوّماتها من الفضائل، فستکون مؤثّرة فی خلق الأجواء المناسبة لتربیة و تهذیب النّفوس، وأمّا لو إسترفدت قوتها وحیاتها من الرّذائل الأخلاقیّة، فستکون البیئة مهیّئة لتقبل أنواع القبائح أیضاً.
وَ وَرد فی القرآن الکریم إشاراتٌ واضحةٌ فی هذا المجال، تبیّن کیفیّة إنحراف الأقوام السّابقة، بسبب الثّقافة المنحرفة والتقالید والأعراف المنحطة لدیهم، و الّتی أدّت بهم إلى السّقوط فی منزلقات الخطیئة، و الإنحدار فی هاویة الرذائل الأخلاقیة، ومنها:
1 ـ (وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَیْهَا آبَاءَنَا وَاللهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللهَ لاَ یَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ )(1).
2 ـ (وَإِذَا قِیلَ لَهُم اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَیْنَا عَلَیْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ کَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ یَعْقِلُونَ شَیْئاً وَلاَ یَهْتَدُونَ )(2).
3 ـ (إِذْ قَالَ لاَِبِیهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ الَّتمَاثِیلُ الَّتِی أَنْتُمْ لَهَا عَاکِفُونَ * قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَها عَابِدِینَ )(3).
4 ـ (وَکَذَلِکَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِکَ فِی قَرْیَة مِنْ نَذِیر إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّة وَإِنَّا عَلَى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ )(4).
5 ـ (وَمَا کَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْیَتِکُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ یَتَطَهَّرُونَ )(5).
6 ـ (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالاُْنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ کَظِیمٌ * یَتَوَارَى مِنْ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَیُمْسِکُهُ عَلَى هُون أَمْ یَدُسُّهُ فِی التُّرَابِ أَلاَ سَاءَ مَا یَحْکُمُونَ )(6).
7 ـ (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِینَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْکُفَّارِ رُحَمَاءُ بَیْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُکَّعاً سُجَّداً یَبْتَغُونَ فَضْلا مِنْ اللهِ وَرِضْوَاناً سِیَماهُمْ فِی وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ )(7).
—–