الإخلاص

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأخلاق فی القرآن 1
الخطوة السّادسة: «النیّة» و«إخلاص النیّة»الإخلاص فی الرّوایات الإسلامیّة

المراد من « الإخلاص»، هو: إخلاص النیّة، و أن یکون الهدف، فی دائرة الفکر و السّلوک: هو الله تعالى فقط.

و قد یکون هناک أشخاص من ذوی الإرادة القویّة، تمنحهم القوّة للوصول إلى أهدافهم، إلاّ أنّ الدّافع الحقیقی لهم، هو: النّفع المادی و المصلحة الذّاتیة، ولکنّ أولیاء الله و السّالکین فی خطّ الحقّ و الإیمان، یتمتعون بإخلاص النیّة لله تعالى، إلى جانب الإرادة القویّة.

و نرى فی القرآن الکریم و الرّوایات الإسلامیّة، أن عنصر: «الإخلاص»، إلى درجة من الأهمیّة، بحیث یُعدّ العامل الأساس فی حرکة الإنسان و الحیاة، للفوز فی الدنیا و الآخرة، و کلّ عمل فی الإسلام، لا یقبل إلاّ إذا توفّر عنصر الإخلاص لله تعالى، هذا من جهة:

و من جهة اُخرى: نرى أنّ الإخلاص یعدّ من أصعب الاُمور، ولا یصل إلى الدّرجة العلیا من الإخلاص إلاّ المقرّبون، رغم أنّ حالة الإخلاص محمودة فی أیّ مرحلة و مرتبة.

 

و لنرجع الآن لِلقرآن الکریم، لنستوحی من آیاته مسألة الإخلاص. فبعض الآیات تتحدث عن المخلِصین، و البعض الآخر عن المخلَصین من موقع الثناء، و الّتمجید بهم، و منها:

1 ـ فی الآیة (5) من سورة البیّنة: (وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِیَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِینَ لَهُ الدِّینَ حُنَفَاءَ وَیُقِیمُوا الصَّلاَةَ وَیُؤْتُوا الزَّکَاةَ وَذَلِکَ دِینُ الْقَیِّمَةِ ).

حیث تتبیّن أهمیّة هذا الموضوع، بالنّظر إلى أنّ الدّین له مفهومٌ واسعٌ یستوعب فی إطاره، کلّ العقائد و الأعمال الباطنیّة و الخارجیّة، فالضّمیر فی: وما اُمروا، یعود على جمیع أتباع المذاهب الإلهیّة والأدیان السماویة، و الإخلاص و الصلاة و الزکاة، تمثّل: عناصر مشترکة بین الجمیع، فهذا التّعبیر فی الآیة، یبیّن حقیقةً واحدةً ألا و هی أنّ جمیع الأوامر الإلهیّة مستقاةٌ من حقیقة التّوحید و الإخلاص، فی خطّ الطّاعة و العبودیّة.

2 ـ وفی آیة اُخرى، نجد أنّ القرآن الکریم یوجّه خطابه إلى جمیع المسلمین، و یقول: (فَآدْعُوا اللهَ مُخْلِصِینَ لَهُ الدِّینَ وَلَوْ کَرِهَ الْکَافِرُونَ )(1).

3 ـ و فی مکان آخر، یخاطب الرّسول الأکرم(صلى الله علیه وآله)، و یقول: (قُلْ إِنّی أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّینَ )(2).

ویُستشف من هذه الآیات و آیات اُخرى، أنّ الإخلاص هو أساس الدّین و دعامته، التی یرتکز علیها فی عملیّة تثبیت الإنسان، فی خطّ الإیمان و الإنفتاح على الله تعالى.

و سنتعرّض لِشرح معنى المخلِصین و المخلَصین، و الفرق بینهما فی ما بعد، ولکن توجد هنا عباراتٌ على درجة من الأهمیّة، على مستوى المفاهیم القرآنیة:

1 ـ الآیة: (39 و 40) من سورة الحِجر، تتحدثان عن الشیطان، بعد ما طرد من رحمة الله سبحانه إلى الأبد، فقال بعناد: (وَلاَُغْوِیَنَّهُمْ أَجْمَعِینَ* إِلاَّ عِبَادَکَ مِنْهُمْ الُْمخْلَصِینَ ).

فتبیّن هذه الآیة، حالة المخلَصین من عباده، و أنّها إلى درجة من القوّة و الإستحکام، حتى الشّیطان قد یأس منهم.

2 ـ الآیة: (39 و40) من سورة الصافات، تتحدثان عن وعد الله تعالى لعباده المخلَصین، بثواب لا یعلمه إلاّ الباری تعالى، فیقول: (وَمَا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا کُنتُمْ تَعْمَلُونَ * إِلاَّ عِبَادَ اللهِ الُْمخْلَصِینَ ).

3 ـ الآیة: (127 و 128) من سورة الصافات، أیضاً صعدت بمقام المخلَصین، إلى درجة أنّهم معفوّون من الحساب والحضور فی المحکمة الإلهیّة، ویدخلون الجنّة مباشرة.

4 ـ الآیة: (159 و 160) من نفس السورة، وصفت المخلَصین، بأنّهم الوحیدون الذین یصحّ منهم وصف الذات المقدسة، ممّا یدلّ على عمق معرفتهم الحقیقة بحقیقة الاُلوهیّة: (سُبْحانَ اللهِ عَمّا یَصِفُونَ * إِلاَّ عِبَادَ اللهِ الُْمخْلَصِینَ ).

فوصفهم للهِ، لا إشکال فیه.

5 ـ الآیة: (24) من سورة یوسف، تحدّثت عن الحصانة الإلهیّة للنبی یوسف(علیه السلام)، فی مقابل وساوس إمرأة العزیز الشّیطانیّة، فقال: (کَذَلِکَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الُْمخْلَصِینَ ).

أمّا ما الفرق بین المخلِصین والمخلَصین؟، هنا نجد تفسیراتٌ کثیرةٌ، و یمکن القول أنّ أفضل هذه التّفاسیر، هو الذی یقول: أنّ «المخلِص» هو الذی یتحرک فی طریق الإخلاص لله تعالى، بعیداً عن کلّ الشّوائب و الأدران و المقاصد غیر الإلهیّة، فی دائرة الفکر والنیّة، و یتحرک بعیداً عن الرّذائل و القبائح، فی دائرة الفعل والمُمارسة، أمّا «المخلَصین»، فهو الذی تحضره العنایة الربانیّة، و المدد الإلهی، لرفع آخر شائبة من قلبه، و یشمله لطف الربّ لتخلیصه من کلّ ما لا یحب و یرضى.

وتوضیح ذلک: إنّ الشّوائب التی تصیب قلب الإنسان ووجوده على نوعین:

نوعٌ یکون الإنسان منها على بصیرة، و یسعى لإزالتها من واقع وجوده، بإخلاص النیّة والعقیدة والعمل، ویُوفّق فی مسعاه.

أمّا النّوع الآخر، فهو خفی لا یحسّ به الإنسان فی مسارب النّفس و الرّوح، کما ورد فی الحدیث النبوی الشریف: «إِنَّ الشِّرکَ أَخفَى مِنْ دَبِیبِ الَّنملِ عَلى صَخْرَة سَوداء فی لَیْلَة ظَلْماء»(3).

 

فهنا لا یمکن العبور من هذه المطبّات، إلاّ بتوفیق من الباری تعالى، و تسدید إلهی یشمل حال السّائرین إلیه، و بدونه ستبقى الشّوائب عالقة فی القلب و النّفس، و کأنّ الباری تعالى یرید أن یُتحف هؤلاء المخلِصین، الذین لم یتخلّصوا تماماً من عَلَق الشّوائب، و وصلوا بالقرب من النّهایة، بأن یبدل شوائبهم بالیّقین، بلطفه و عنایته، و یجعلهم فی عداد المخلَصین.

فعند وصول الإنسان إلى هذه المرحلة، یکون فی مأمَن من الأهواء، و من الوساوس الشّیطانیة، بما یمثّل من تحدّیات صعبة فی طریق التّکامل، و بالتّالی ینقطع طمع الشّیطان فیه، ویظهر عجزه عن إغوائه بصورة رسمیّة.

و هنا یستقر المخلَصین فی النّعیم الخالد، و یرتعون بالمواهب الإلهیّة، و یکون ثناؤهم و توصیفهم، للذات المقدّسة بالصّفات الجمالیّة و الجلالیّة الإلهیّة، قد صبغت بصبغة التّوحید الخالص، وبما أنّهم صفّوا حساباتهم فی هذه الدنیا، فستکون عاقبتهم أنّهم سیدخلون الجنّة بغیر حساب.

و یصف الإمام علی(علیه السلام) فی بعض خطبه، التی وردت فی نهج البلاغة، اُولئک المخلصین، فیقول: «قَدْ أَخْلَصَ للهِ فَاسْتَخْلَصَ»(4).

و قال الرسول الأکرم(صلى الله علیه وآله): «فَعِنْدَ ذَلِکَ إسْتَخْلَصَ اللهُ عَزَّوَجَلَّ لِنُبُوَّتِهِ وَ رِسالَتِهِ مِنَ الشَّجَرَةِ المُشَرِّفَةِ الطَّیِّبَةِ... مُحَمَّداً اُخْتَصَّهُ للِنُبُوَّةِ وَاصطَفاهُ بِالرِّسالَةِ»(5).

و فی حدیث آخر عن أحد المعصومین(علیهم السلام) أنّه قال: «وَجَدْتُ ابنَ آدَمَ بَینَ الشَّیطـانِ فَإنْ أَحَبِّهُ اللهُ تَقَدَّسَتْ أَسْمائَهُ، خَلَّصَهُ وَ آسْتَخْلَصَهُ وَإِلاّ خَلّى بَینَهُ وَبَینَ عَدُوِّهِ»(6).

و الخلاصة، إنّ الإخلاص فی النیّة و الفکر و العمل، هو من أهمّ الخُطى فی عملیّة التّهذیب و التّربیة و السّیر إلى الله تعالى.

 


1. سورة غافر، الآیة 14.
2. سورة الزّمر، الآیة 11.
3. بحار الأنوار، ج69، ص93.
4. نهج البلاغة، الخطبة 87.
5. بحار الأنوار، ج14، ص520.
6. المصدر السّابق، ج5، ص55.

 

الخطوة السّادسة: «النیّة» و«إخلاص النیّة»الإخلاص فی الرّوایات الإسلامیّة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma