هناک کتاب منسوب للعلاّمة الفقیه العالم: «السید بحر العلوم»، و رغم أنّ بعض أبحاثه لا یمکن القول بصدورها منه، إلاّ أنّ بعض أقسامه و الحقّ یقال، فی غایة الأهمیّة، فقد ذکر السّید فی هذا الکتاب أربعة عوالم و منازل، مهمّة للسّیر و السّلوک إلى الله تعالى، و القرب منه، وهی:
1 ـ الإسلام.
2 ـ الإیمان.
3 ـ الهجرة.
4 ـ الجهاد.
و کلّ واحد من هذه العوالم الأربعة، ذکر له ثلاث مراحل، فیصبح المجموع إثنی عشرةَ مرحلةً، و بعد تجاوز هذه المراحل الإثنی عشر، یصل السّالک إلى الله، و إلى عالم الخُلوص والفناء، والمراحل أو المنازل الإثنی عشر هی:
المنزل الأول: الإسلام الأصغر، والقصد منه هو إظهار الشّهادتین و التّصدیق بهما فی الظّاهر، و أداء الوظائف الدینیّة.
المنزل الثانی: الإیمان الأصغر، وهو عبارة عن التّصدیق القلبی والإعتقاد الباطنی بکل المعارف الإسلامیّة.
المنزل الثالث: الإسلام الأکبر، و هو عبارةٌ عن التّسلیم فی مقابل کلّ حقائق الإسلام، و الأوامر و النّواهی الإلهیّة.
المنزل الرابع: الإیمان الأکبر، و هو عبارةٌ عن روح ومعنى الإسلام الأکبر، و الّذی ینتقل من مرتبة الطاعة، إلى مرتبة الشّوق و الرّضا و الرّغبة.
المنزل الخامس: الهجرة الصّغرى، و هی الإنتقال من «دار الکفر»، إلى «دار الإسلام»، و هی شبیهةٌ بهجرة المسلمین، من مکّة التی کانت مقرّ للکفار إلى المدینة.
المنزل السّادس: الهجرة الکبرى، و هی الهجرة والإبتعاد عن أهل الذنوب والعصیان، وعدم الجلوس مع الظّالمین والملّوثین.
المنزل السابع: الجهاد الأکبر، و هو عبارةٌ عن محاربة جنود الشّیطان، بالإستمداد من جنود الرّحمان، و هی جنود العقل .
المنزل الثامن: منزل الفتح و الظّفر على جنود الشیطان، و التّحرر من سلطتهم، و الخروج من عالم الجهل و الطّبیعة.
المنزل التاسع: الإسلام الأعظم، و هو عبارةٌ عن الغلبة على جنود الشّهوة والآمال البعیدة، فتنتصر العوامل الموقظة الخارجیة، على العوامل الإنحرافیّة الداخلیّة، و هنا یکون القلب، مرکزاً للأنوار الإلهیّة، و الإضافات الرّبانیّة.
المنزل العاشر: الإیمان الأعظم، وهو الفناء فی الله تعالى، ومرحلة الدّخول فی عالم:
(فآدخُلِی فِی عِبادِی وادخُلِی جَنَّتِی )، وعندها تظهر حقیقة العبودیّة لله تعالى فی واقع النّفس.
المنزل الحادی عشر: الهجرة العظمى، و هی هجرة الذّات و نسیانها، و السّفر إلى عالم الوجود المطلق، و التّوجه الکامل للذّات المقدّسة للباری تعالى، و هی الّتی تدخل فی جملة خطاب: (وادخُلِی جَنَّتِی ).
المنزل الثّانی عشر: الجهاد الأعظم، فبعد هجرة الذّات، یتوسل بالله تعالى أن یمحو کلّ آثار الأنا، و یضع القدم على بساط التّوحید المطلق.
فبعد أن تُطوى هذه العوالم الإثنا عشر، یدخل فی عالم الخُلوص، و یکون مصداقاً لقوله تعالى: (بَل أَحیاءٌ عِندَ رَبِّهِم یُرزَقُونَ ).(1)
—–