من المعلوم أنّ المادّیین لهم مذاهب متعددّة، و المعروف منها الشیوعیّة، حیث یرون کلّ شیء من خلال منظار المادّة، ولا یؤمنون بالله والمسائل الروحیّة و المعنویّة، ویقولون بأصالة الإقتصاد، و یعطون للتأریخ ماهیّةً مادیّةً و إقتصادیةً، فکلّ شیء یؤدی إلى تقویة الإقتصاد الشّیوعی فی المجتمع، فانّه یعتبر من الأخلاق أو على حد تعبیرهم: «کلّ شیء یعجّل فی الثورة الشیوعیّة، فهو الأخلاق»، فمثلاً المعیار الأخلاقی للکَذب و الصّدق، یقاس بمدى تأثیر ذلک السّلوک الأخلاقی على الثّورة، فإذا أدّى الکذب إلى التسّریع بالثورة فهو أمر أخلاقی، وإذا أضرّ الصّدق بالثّورة، فهو أمر غیر أخلاقی!

و المذاهب المادیّة الاُخرى کذلک، فکلّ مذهب یُفسّر الأخلاق حسب ما یرتئیه مسلکه، فالّذین یقولون بأصالة اللّذة، و الإستفادة من اللذائذ المادیّة، لا یوجد شیء عندهم بإسم الأخلاق، أو بالأحرى أنّ الأخلاق عندهم، هی الصّفات و الأفعال الّتی تمهد الطّریق للوصول إلى اللذّة.

وأمّا الّذین أعطوا الأصالة للفرد والمصالح الشخصیّة، والمجتمع محترم عندهم مادام منسجماً مع منافع الفرد الشّخصیة، (کما هو الحال فی المذاهب الغربیة الرأسمالیة)، فهم یفسّرون الأخلاق بالاُمور التی توصلهم إلى مصالحهم المادیّة و الشخصیّة، و یضحّون بکلّ شیء لأجل هذه الغایة.