1 ـ علاقة معرفة النّفس بتهذیبها

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأخلاق فی القرآن 1
الخُطوة الثّامنة: معرفة الله تعالى و معرفة النّفس2 ـ معرفة النّفس فی الرّوایات الإسلامیّة

کیف یُمکن لمعرفة النّفس أن تکون سبباً فی تهذیب النّفس؟ دلیلُهُ واضحٌ و بَیّنٌ، لأنّه:

أولاً: إنّ الإنسان عن طریق معرفة نفسه، سوفَ یعَی کرامةَ نفسه، و شرفَ ذاتِه، و عظمةَ الصّنع الإلهی فی هذه الخِلقة، و بالتّالی سَیُدرِک، أهمیّة الرّوح الإنسانیّة، التی هی نفحةٌ من نفحات قُدسه، نعم فإنّه سَیُدْرِک أنّ الجوهَرة الّثمینة، التی منحه الله تعالى إیّاها، علیه ألاّ یُضیّعها و لا یَبیعها بأبخسِ الأثمان، فلن یُضیّعها إلاّ من کانَ یعیش الرّذائل الأخلاقیّة، و من غَرِق

بِوحل الذّنوب، و مستنقع الخَطیئة.

ثانیاً: الإنسان بمعرفته لنفسه، سیطّلع على الأخطار التی تحدق به، جرّاء مِیوله النّفسیة، وعنصر الهَوى و دوافع الشّهوة، التی تقع فی خطّ التّقابل، مع سعادته و تکامله المعنوی فی حرکة الواقع النّفسانی، و سیکون بإمکانه التّحرک فی دائرة المُواجهة الواعیة، للوقوف بوجهها و التّصدی لها.

و من البدیهی، أنّ الإنسان الذی لا یَخبُر نفسه لن یکون على إحاطة بوجود تلک الدوافع، ویبقى کالغافل عمّا یدور حوالیه، بینما یکون الأعداء قد إحتوشوه من کلّ جانب، و هو لا یُحرّک ساکناً، و بالطّبع فإنّ هذا الشّخص، سیتلقّى ضربات قاصمة من عدوّه، وبعدها یخضع لواقع السّیطرة من قِبل العدو، و أنّى له ساعتها، التّدبیر و التّفکیر من موقع الشّعور الهادِىء، و البعید عن الإنفعال و التّوتر!!.

ثالثاً: بمعرفة النّفس، ستظهر له خَبایا نفسه، و إستِعداداتِها المختلفة، و لأجل رُقیّها و کمالها و السّیر بها إلى الله، سیسعى الإنسان فی خطّ التربیّة و التّهذیب، لِبلورة تلک الإستعدادات و الکَمالات، و یستخرج کُنوزها من واقعه الذّاتی، لیقترب بواسطتها من آفاق السّماء.

و حال الشّخص الذی لا یتعامل مع ذاته، من موقع المعرفة و الوَعی، کحال الذی دَفَن فی بیته کُنوزاً، و هو لا یعلم بها، وهو بأمسّ الحاجة إلیها لفقره المُدقع، فیموت جوعاً بدون أن یجد فی نفسه باعثاً على الانتفاع بها، فی واقع الحیاة.

رابعاً: إنّ کلّ واحدة من المفاسد الأخلاقیّة، لها جذورها فی النّفس الإنسانیّة، و بمعرفة النّفس، سیسعى الإنسان فی عملیّة قلع تلک الجُذور، من واقع النّفس و غلق تلک الرّوافد التی تمدّها بالماء الآسن، و مُعالجة هذا الواقع السّلبی، بفتح روافد الماء الصّافی الرّقراق الذی یمدّها بالحَیاة والوِصال الحقیقی المنفتح على الإیمان والصفاء النّفسی.

خامساً: والأهم من هذا وذاک، فإنّ معرفة النّفس، تؤدّی إلى معرفة الربّ، و معرفة صفاته الجلالیّة و الجمالیّة، و التی هی من أقوى الدّوافع الذاتیّة، لتربیة المَلَکات الأخلاقیّة، و الکَمالات الإنسانیّة، و طریقٌ قویمٌ لِلنجاة من الإنحطاط و الرّذیلة، و الصّعود بها إلى أعلى

مراتب الکمال المعنوی، و آفاق المَثل الإنسانیّة.

و إذا أضفنا إلى ذلک کلّه هذه الحقیقة، و هی أنّ الرّذائل تقلب حلاوة السعادة إلى مرارة الشّقاء، و تجرّ البشریّة إلى حیث الویلات و الدّمار، فعندها ستتّضح مدى الأهمیّة القُصوى، لمعرفة النّفس فی حیاة الإنسان والمجتمع البشری.

و قد وَرد فی کتاب: «إعجاز الطبّ النّفسی»، للکاتب «کارل منینجر»: (معرفة النّفس عبارة عن الإحاطة بقوى الخیر والمحبّة، ومعرفة عناصر الشّر و الکراهیّة فی النفس الإنسانیّة، و أیّ تجاهل و تغافل عن وجود هذه القوى و العناصر فی أنفسنا، و فی الغیر، بإمکانه أن یُعرّض اُسس الحیاة للإهتزاز والخلَل)(1).

و فی کتاب: «الإنسان ذلک المجهول»، وردت جملةٌ تعتبر شاهداً حیّاً على مدّعانا، فیقول: (لسوء الحظ فإنّ الإنسان المعاصر، لم یتحرّک على مستوى التّعرف على نفسه، إلى جانب التّقدم الصّناعی و التّطور العلمی، ولم یوفّق برنامج الحیاة، وفق واقعه الطّبیعی، و الفِطری، لذلک فَمع ما فی الحیاة العصریّة من زینة و تفاخر، لکنّها لم توصل الإنسان للسّعادة المنشودة، فالتّقدم الذی حصل على مستوى العلم والتّکنولوجیا، لم یحصل بتدبیر و تفکیر، بل حصل عن طریق الصّدفة الَمحضة..، فلو رکّز: «غالیلو» و «نیوتن» و«لافوازیه»، وغیرهم من العلماء على جسم وروح الإنسان، لربّما تغیّرت الدنیا، ولمّا أصحبت کما هی علیه الآن»(2).

و بناءاً علیه، فإنّ إحدى العقوبات التی أعدّها الباری تعالى، لِلمُعرضین عن الله من موقع الّتمرد على الحقّ، وحذّر الباری تعالى، المسلمین من الوقوع فیها، هی نسیان النّفس، و الغفلة عن الذّات: (وَلاَ تَکُونُوا کَالَّذِینَ نَسُوا اللهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُوْلَئِکَ هُمْ الْفَاسِقُونَ )(3).


1. إعجاز الطّب النّفسی، ص 6.
2. الإنسان ذلک المجهول، ص22.
3. سورة الحشر، الآیة 19.

 

الخُطوة الثّامنة: معرفة الله تعالى و معرفة النّفس2 ـ معرفة النّفس فی الرّوایات الإسلامیّة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma