9 ـ معطیات و برکات التّوبة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأخلاق فی القرآن 1
8 ـ مراتب التّوبةالخطوة الثّانیة: المشارطة

إذا کانت التّوبة توبةً حقیقیةً و واقعیةً و نابعةً من الأعماق، فلابدّ من أن تقع مورد القَبول من قبل الله تعالى، العَفوّ الغَفور، و ستنشر خیرها برکاتها على صاحبها فی حرکة الحیاة، و تُغطَّی على ما صدر منه من معاصی، أدّت به إلى السّقوط فی منحدر الضّلال و الزّیغ.

مثل هذا الإنسان، یعیش أجواء الحَذر الدّائم من مجالس السّوء و العصیان، و من کلٍّ عوامل الذّنب و الوساوس، و التّداعیات الاُخرى، الّتی توقعه فی و حلّ المعصیة مرّةً اُخرى.

و یعیش حالة الخجل و النّدم، و یدأب بإستمرار لتحصیل رضا الله تعالى، و جبران ما فاته من الطّاعات.

هذه هی العلاقات الفارقة لهم، عن المتظاهرین والمرائین.

قال قسم من المفسّرین، فی معرض تفسیرهم للآیة الشّریفة: (یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً )(1).

قالوا: إنّ المراد من التّوبة النّصوح، هی تلک التّوبة التی تفعّل فی الإنسان عناصر الخیر من موقع النّصیحة، و تتجلى فی روح التّائب على مستوى حثها له، للقضاء على جذور العصیان فی باطنه، قضاءً تامّاً بلا رجعة بعدها.

و فسّرها قسم آخر، بالتّوبة الخالصة، و قال آخرون إنّ: «النّصوح» من مادّة «النّصاحة»، و هی بمعنى الخِیاطة و التّرقیع، لما حدث من تمزیق، وبما أنّ الذّنوب: الإیمان والدّین فتقوم

التّوبة بتوصیلها ببعض، و تعید التّائب إلى حضیرة الأولیاء، کما تجمع الخیاطة بین قطع الثّوب(2).

إنّ برکات و فوائد التّوبة جمّةٌ لا تُحصى، و قد أشارت إلیها الرّوایات والآیات العدیدة، و منها:

1 ـ تمحو و تُفنی الذّنوب، کما ورد فی ذیل الآیة: (یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً )، ورد (عَسَى رَبُّکُمْ أَنْ یُکَفِّرَ عَنْکُمْ سَیِّئَاتِکُمْ )(3).

2 ـ تمنح التّائب برکات الأرض و السّماء، کما ورد فی الآیات (10 و 11 و 12) من سورة نوح(علیه السلام): (فَقُلْتُ آسْتَغْفِرُوا رَبَّکُمْ إِنَّهُ کَانَ غَفَّاراً* یُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَیْکُمْ مِدْرَاراً * وَیُمْدِدْکُمْ بِأَمْوَال وَبَنِینَ وَیَجْعَلْ لَکُمْ جَنَّات وَیَجْعَلْ لَکُمْ أَنْهَاراً ).

3 ـ تبدل التّوبة السّیئات حسنات، کما ورد فی سورة الفرقان الآیة (70): (إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحاً فَأُوْلَئِکَ یُبَدِّلُ اللهُ سَیِّئَاتِهِمْ حَسَنَات ).

4 ـ یتعامل الله مع هذا الإنسان، من موقع السّتر على الذّنوب، و ینسی الملائکة الکاتبین ذنبه، و یأمر أعضاء بدنه بالستر علیه یوم القیامة، و کتمان أمره، فقد ورد فی الحدیث عن الإمام الصادق(علیه السلام) أنّه قال: «إِذا تابَ العَبْدُ تَوبَةً نَصُوحاً أَحَبَّهُ اللهُ وَسَتَرَ عَلَیهِ فِی الدُّنیا وَالآخِرَةِ»، فَقُلْتُ: وَکَیفَ یَسْتُرُ؟ قَالَ: «یُنْسِی مَلَکَیهِ ما کَتَبَا عَلَیهِ مِنَ الذُّنُوبِ، وَ یُوحِی إِلَى جَوَارِحِهِ: اُکْتُمِی عَلَیهِ ذُنُوبَهُ، وَیُوحِی إِلى بِقـاعِ الأَرْضِ: اُکْتُمِی ما یَعْمَلُ عَلَیکَ مِنَ الذُّنُوبِ، فَیَلْقَى اللهَ حِینَ یَلْقَاهُ وَلَیسَ عَلَیهِ شَیءٌ یَشْهَدُ عَلَیهِ بِشَیء مِنَ الذُّنُوبِ»(4).

5 ـ التّائب الحقیقی، یُحبّه الله تعالى، لدرجة أن ورد فی الحدیث: «إِنّ اللهَ عَزَّوَجَلَّ أَعطَى التّائِبِینَ ثَلاثَ خِصال، لَو أَعطى خِصْلَةً مِنْهـا جَمِیعَ أَهْلِ السَّمـواتِ والأَرضَ لَنَجَوا بِها».

و بعدها یشیر إلى الآیة الشریفة: (إِنَّ اللهَ یُحِبُّ التَّوَّابِینَ وَیُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِینَ )(5).

و قال: «مَنْ أَحَبَّهُ اللهُ لَمْ یُعَذِّبْهُ».

ثمّ یُعرّج على الآیة: (الَّذِینَ یَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ یُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَیُؤْمِنُونَ بِهِ وَیَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِینَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ کُلَّ شَیْء رَحْمَةً وَعِلْماً فَآغْفِرْ لِلَّذِینَ تَابُوا وَ آتَّبَعُوا سَبِیلَکَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِیمِ* رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْن الَّتِی وَعَدْتَهُم وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّیَّاتِهِمْ إِنَّکَ أَنْتَ الْعَزِیزُ الْحَکِیمُ * وَقِهِمْ السَّیِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّیِّئَاتِ یَوْمَئِذ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِکَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِیمُ )(6)»(7).

—–

إلى هنا نصل إلى خاتمة بحثنا، فی الخطوة الاُولى لتهذیب الأخلاق، و هی التّوبة، و توجد مطالب اُخرى فی هذا المجال، یمکن الإستفادة منها فی بحوث مُستقلة.

نعم، فإنّه ما لم ینجلِ عن القلب و الروح صدأ الذُنوب، و یتحرک الإنسان لتطهیر النّفس من مخلفات المعصیة بماء التّوبة، فلن یشرق القلب بنور ربّه، ولن یتمکن هذا الإنسان من السّیر على خطّ الإیمان، و السّلوک إلى الله تعالى والفوز بجواره، ولن یذوقَ طعم التجلّیات العرفانیّة، فی حرکة الحیاة المعنویّة.

هذا هو أوّل محطٍّ للرحال، وأهمّها، ولا یمکن تخطّیه إلاّ بعزم صادق و إرادة راسخة، یدعمها لطفٌ إلهی و توفیقٌ ربّانی، ولا یُلقّیها إلاّ ذو حظٍّ عظیم.

—–


1. سورة التحریم، الآیة 8.
2. بحار الأنوار، ج6، ص17.
3. سورة التحریم، الآیة 8.
4. اُصول الکافی، ج2، ص430، (باب التوبة، ح1).
5. سورة البقرة، الآیة 222.
6. سورة غافر، الآیة 7 الى 9.
7. اُصول الکافی، ج2، ص432.
8 ـ مراتب التّوبةالخطوة الثّانیة: المشارطة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma