الفلسفة فی معناها ومفهومها الکلی، تعنی: معرفة العالم بما لدى الإنسان من قدرة، وبهذا المعنى یمکن أن تدخل جمیع العلوم تحت هذا المفهوم الکلّی، بحیث نرى فی الأعصار السّابقة والقدیمة، عندما کانت العلوم محصورةً و معدودةً کانت الفلسفة تلقی الضوء علیها جمیعاً، والفیلسوف کان له الباع الطویل فی جمیع العلوم، وفی ذلک الوقت قسّمت الفلسفة إلى قسمین:
أ ـ الاُمور التی لا دخل للإنسان فیها، و التی تستوعب جمیع العالم، عدا أفعال الإنسان.
ب ـ الاُمور التی تنضوی تحت إختیار الإنسان وله دخل فیها، یعنی أفعال الإنسان.
فالقسم الأول یسمّى بالحکمة النظریّة، وتقسم إلى ثلاثة أقسام:
الفلسفة الاولى أو الحکمة الالهیّة: وهی التی تتناول الأحکام الکلیة للوجود والمبدأ والمعاد.
2 ـ الطّبیعیات: وفیها أقسام مختلفة.
3 ـ الرّیاضیات: وهی أیضاً لها فروع متعددة.
وأما التی تتعلق بأفعال الإنسان، فتسمى بالحکمة العملیّة، وهی بدورها تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
1 ـ الأخلاق والأفعال: التی تکون سبباً فی سعادة أو ضلال الإنسان، و تکون جذورها ومصدرها النفس الإنسانیّة.
2 ـ تدبیر المنزل: وکل ما یتعلق بالعائلة.
3 ـ سیاسة وتدبیر المدن: والتی تتناول طرق إدارة المجتمعات البشریة.
و هکذا فقد أفردوا للأخلاق حقلها الخاص بها، فی مقابل (تدبیر البیت) و(سیاسة المدن). وعلیه یمکن القول بأنّ علم الأخلاق هو فرع من: «الفلسفة العملیة» أو «الحکمة العملیّة».
ولکنّ تعدد العلوم فی عصرنا الحاضر دعى للفصل بینها، و غالباً ما تأتی الفلسفة والحکمة، و الفلسفة بمعنى الحکمة النظریّة من نوعها الأوّل، وهی الاُمور التی تتعلق بالعالم والکون وکذلک المبدأ والمعاد.
ویوجد اختلاف بین الفلاسفة، فی أیّهما أفضل: الحکمة النظریّة أم الحکمة العملیّة، فقسم إدّعى الأفضلیة للاُولى، وقسم آخر إدّعى الأفضلیة لِلثانیة، وعند التّدقیق فی مدّعاهم نرى، أنّ الإثنین على حق و هذا لیس بحثنا الآن.
وسنتعرض لعلاقة الأخلاق بالفلسفة، فی موارد اُخرى فی المستقبل، إن شاء الله تعالى.