طرح القرآن الکریم فی آیات عدیدة کلمة «الطیّب والخبیث» بصورة مطلقة، ولم یجعل للمجتمعات البشرّیة دور فی صیاغة القیم فی هذا المجال، فنقرأ فی الآیة (100) من سورة المائدة: (قُل لا یَسْتَوی الخَبِیثُ وَالطَّیِّبُ وَلَو أَعْجَبَکَ کَثرَةُ الخَبِیثِ ).
وفی الآیة (157) من سورة الأعراف فی وضعها للرّسول الأکرم(صلى الله علیه وآله): (وَیُحِلُّ لَهُم الطَّیِّباتِ وَیُحَرِمُ عَلِیهِم الخَبَائِثَ ).
و فی سورة البقرة الآیة (243) یقول الله تعالى: (إنَّ اللهَ لَذُو فَضل عَلَى النَّاسِ وَلَکِنَّ أَکْثَرَ النَّاسِ لا یَشکُرُونَ ).
وفی الآیة (103) من سورة یوسف(علیه السلام) یقول الله تعالى: (وَما أَکْثَرُ النَّاسِ وَلَو حَرَصْتَ بِمُؤمِنینَ ).
فی هذه الآیات یُعتبر الإیمان و الطّهارة و الشّکر، من القیم والمُثل وإن کان أکثر الناس یخالفون ذلک، والکفر و الخُبث و کفران النعمة، تعتبر فی مقابل القِیم، رغم أنّ الأکثریّة تتحرک فی هذا الخط.
وقد ذکر أمیرالمؤمنین(علیه السلام)، هذا المعنى کثیراً فی خُطَبِه فی نهج البلاغة. و أنّ قبول و عدم قبول الأکثریّة لُخلق أو عمل ما، لا یکون مِعیاراً للفضیلة و الرّذیلة و کذلک الحُسن و القُبح.
فقال الإمام(علیه السلام) فی خطبة: «یا أَیّها النّاسُ لا تَستَوحِشُوا فی طَرِیقِ الهُدى لِقِلَّةِ أَهلِهِ فإنَّ النّاسَ قَد إِجتَمَعُوا عَلى مائِدة شِبَعِها قَصِیرٌ وَجُوعِها طَوِیلٌ».(1)
وقال فی خطبة اُخرى: «حَقٌّ وَ باطِلٌ، وَلِکلٍّ أهلِ; فَلإن أمِرَ الباطِلُ لَقَدِیماً فَعَلَ وَ لإن قَلَّ الحَقُّ فَلَرُبَّما وَلَعَلّ»(2).
فکلّ هذه النّصوص الإسلامیّة تنفی النسبیّة فی الأخلاق، و لا تعتبر قبول الأکثریّة فی المجتمع معیاراً لها.
ویوجد فی القرآن الکریم والروایات الإسلامیّة، شواهد کثیرة على هذه المسألة، لو جمعت لبلغت کتاباً کبیراً.