أعطى علماء الأخلاق، الأهمیّة القُصوى لِلذکر، و ذلک تبعاً لما ورد، فی الرّوایات الإسلامیّة و القرآن الکریم، و اعتبروه من العناصر المهمّة فی خطّ العبادة، و تطهیر النّفس و تهذیبها، و ذکروا لکلّ مرحلة من مراحل السّیر و السّلوک، الذّکر الخاص بها.

فمثلاً فی مرحلة التّوبة، ینبغی للسالک فی طریق الحقّ، الإهتمام بِذِکر: «یاغَفّار»، و فی مرحلة محاسبة النّفس: «یاحَسیب»، و فی مرحلة إستنزال الرّحمة: «یا رحمان» و «یا رَحیم» ... وَ هَلُمَّ جرّا.

و هذه الأذکار تتناسب و حالات الإنسان، و السّلوک الذی یسلکه الإنسان فی خطّ الإستقامة، و الإلتزام بها على کلّ حال حسن، و لا تختص بعنوان: قصد الوُرود إلى ساحة الرّحمة الإلهیّة.

نعم فإنّ ذکر الله تعالى، من أکبر العبادات وأفضل الحسنات، فی عملیّة التّصدی للتحدیات النّفسیة الصّعبة، و تحقیق الصّیانة من الوساوس الشّیطانیة.

ذکرُ الله، یخرق حُجب الأنانیّة والغرور و النّوازع النّفسانیة، التی تُعدّ من أَقوى العوامل، لِهَدم سعادة الإنسان، ویمنح الإنسان وعیاً فی أجواء السّلوک إلى الله تعالى، من الأخطار التی

تهدّد سعادته، ویرسم له معالم مسیرته فی حرکة الحیاة والواقع.

ذکر الله تعالى: هو المطر الذی ینزل على أرض القَلب، لِیسقی بذور التّقوى و الفضیلة، و یعمل على تقویتها و تنمیتها. و الحقیقة أنّ المحاولة للإحاطة بعظمة هذه العبادة، و إحصاء معطیّاتها على مستوى تهذیب النّفس، لا تفی بالغرض، و لا تحیط بأهمیتها فی خطّ السّلوک المعنوی للإنسان.

بعد هذه الإشارة نعود إلى القرآن الکریم، لنستوحی من آیاته، أهمیّة ذکر الله تعالى:

1 ـ (الَّذِینَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِکْرِ اللهِ أَلاَ بِذِکْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ )(1).

2 ـ (وَأَقِمْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْکَرِ وَلَذِکْرُ اللهِ أَکْبَرُ )(2).

3 ـ (إِنَّنی أَنَا اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَآعْبُدْنِی وَأَقِمْ الصَّلاَةَ لِذِکْرِی )(3)

4 ـ (إذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوکَ بِآیَاتی وَلاَ تَنِیَا فی ذِکْرِی )(4).

5 ـ (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِکْرِی فَإِنَّ لَهُ مَعِیشَةً ضَنکاً )(5).

6 ـ (وَ اصْبِرْ نَفْسَکَ مَعَ الَّذِینَ یَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِىِّ یُرِیدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَیْنَاکَ عَنْهُمْ تُرِیدُ زِینَةَ الْحَیَاةِ الدُّنْیَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِکْرِنَا وَ اتَّبَعَ هَوَاهُ وَکَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً )(6).

7 ـ (فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِکْرِنَا وَلَمْ یُرِدْ إِلاَّ الْحَیَاةَ الدُّنْیَا )(7).

8 ـ (یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اذْکُرُوا اللهَ ذِکْراً کَثِیراً* وَسَبِّحُوهُ بُکْرَةً وَأَصِیلا * هُوَ الَّذِی یُصَلِّی عَلَیْکُمْ وَمَلاَئِکَتُهُ لِیُخْرِجَکُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى آلنُّورِ وَکَانَ بِالْمُؤْمِنِینَ رَحِیماً )(8).

9 ـ (إِنَّمَا یُرِیدُ الشَّیْطَانُ أَنْ یُوقِعَ بَیْنَکُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِی الْخَمْرِ وَالْمَیْسِرِ وَیَصُدَّکُمْ عَنْ ذِکْرِ اللهِ وَعَنْ الصَّلاَةِ )(9).

10 ـ (رِجَالٌ لاَ تُلْهِیهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَیْعٌ عَنْ ذِکْرِ اللهِ )(10).

1. سورة الرّعد، الآیة 28.
2. سورة العنکبوت، الآیة 45.
3. سورة طه الآیة 14.
4. سورة طه، الآیة 42.
5. سورة طه، الآیة 124.
6. سورة الکهف، الآیة 28.
7. سورة النّجم، الآیة 29.
8. سورة الأحزاب، الآیة 41 إلى 43.

9. سورة المائدة، الآیة 91.
10. سورة النّور، الآیة 37.