5 ـ قبول التوبة: هل هو عقلی أم نقلی؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأخلاق فی القرآن 1
4 ـ أرکان التّوبة6 ـ التّبعیض فی التّوبة

إتّفق علماء الأخلاق أنّ التّوبة الجامعة للشّرائط، مقبولة عند الله تعالى، و یدل على ذلک الآیات و الرّوایات، ولکن یوجد نقاش حول قبول التّوبة، هل هو عَقلی أم عقلائی، أم نَقلی؟.

و یعتقد جماعة، أنّ سقوط العقاب الإلهی، هو تفضل من الباری تعالى، فبعد تحقق التّوبة من العبد، یمکن للباری تعالى أن یتوب على عبده ویغفر له، أو لا یغفر له، کما هو المُتعارف بین النّاس، عندما یقوم أحد الأشخاص بظلم الغَیر، فِللمظلوم أن یغفر له، أو لا یعفو عنه.

و ترى جماعةٌ اُخرى، أنّ العقاب یسقط حتماً بعد التّوبة، وعدم قبول عُذر المجرم، من الله تعالى، بعیدٌ و قبیحٌ، و لا یصدر منه تعالى.

 

و هنا یمکن قبول رأی ثالث، وهو أنّ قبول التّوبة أمر عقلائی، یعنی أنّ العقل وإن لم یوجب قبول التّوبة و العُذر، ولکنّ بناءَ العُقلاء فی العالم کلّه، مبنیٌّ على قبول عذر الخاطیء، و إقالة عثرته، إذا ما عاد عن غَیّه، و أصلح أعماله السّیئة، و جَبر ما کسره، و أرضى خصمائه بطرق مختِلفَة، فهذا الموقف هو بناء العقلاء فی العالم أجمع، فلو أصرّ شخص على نفی هذا المبدأ العقلائی، ولم یقبله فی سلوکه إتجّاه المُعتذر، فسیعتبر حقوداً وخارجاً عن موازین الإنسانیة والأخلاق.

و لا شک أنّ الله تعالى، و هو القادر و الغنی عن العالمین، أَوْلى وأجدر من عباده بالعفو و المغفرة، و قبول عذر التائب، و عدم إنزال العقاب علیه.

و یمکن القول بأکثر من ذلک، و هو وجوب قبول التّوبة، لدى العقل الذی یعتمد على قاعدة: «قُبح نَقض الغَرض».

و توضیح ذلک: نحن نعلم أنّ الباری تعالى، غنیٌّ عن عباده وطاعة العالمین، وإن کلّفنا بشیء فهو لطفٌ منه، للسیر فی خطّ التّکامل و التّربیة، فالصّلاة و الصّیام تُربّی النّفس و تُقرّب الإنسان من الله تعالى، وکذلک سائر الواجبات، فلها قِسطٌ فی عملیّة التّکامل الإنسانی.

فنقرأ عن الحج: (لِیَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُم )(1).

و نقرأ فی الآیات الاُخرى، أنّ الصّلاة تنهى عن الفحشاء والمنکر(2)، و الصّوم سبب للتّقوى(3)، و الزّکاة لتطهیر الأفراد والمجتمع من الرذائل الأخلاقیّة و الإنحرافات(4).

و إعتبرت الرّوایات الإیمان، سبباً للطهارة من الشّرک، و الصّلاة لِدرء الکِبَر عن الإنسان، و الحجّ سبباً لوحدة المسلمین، و الجهاد لِعزّة المسلمین....(5)

و علیه فإنّ کلّ التّکالیف الإلهیّة، هی من أسباب سعادة الإنسان، و تکامله فی خط الإیمان و الحقّ و التّکامل، هذا هو الهدف الأصلی للإنسان، فی دائرة الوصول لمرتبة القرب الإلهی، و العبودیة الحقّة، قال الباری تعالى:(وَ ما خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إلاَّ لِیَعْبُدُونِ )(6).

و لا شک فإنّ وجوب التّوبة، و قبولها من قبل الباری تعالى، یشکّل إحدى حلقات التّکامل المعنوی للإنسان، لأنّ الإنسان من طبیعته الخطأ، فإذا أوصد الباب دونه، فلن یتکامل أبداً.

و إذا ما اُحیط الإنسان علماً بالتّوبة، و أنّ الباری فتح الباب أمامه بشرط إصلاح ما مضى، فمثل هذا الإنسان یکون أقرب للسّعادة و التّکامل، ویبتعد عن الإنحراف و الخطأ فی مسیرة الحیاة.

و النّتیجة: أنّ عدم قبول التّوبة یؤدی إلى نقض الغرض، لأنّ الهدف من التّکالیف و الطّاعة، هو تربیة و تکامل الإنسان، وعدم قبولها لا ینسجم مع هذا الغرض، ومن البعید عقلاً على الحکیم، أن ینقض غرضه.

و على کلّ حال، فإنّ التّوبة و قبولها لها علاقةٌ وثیقةٌ بالتّکامل الإنسانی، و بدونها سینتفی الدّافع و القصد للتّکامل، و سیکون الإنسان فی غایة الیأس من النّجاة، مما یشجعه على الّتمادی فی إرتکاب المعاصی و مُمارسة الجریمة، و لذلک فإنّ کلّ المربّین، سواء کانوا إلهیین أم مادیّین، یؤکّدون على مسألة التّوبة، و یجعلون الطّریق مفتوحاً دائماً أمام الخاطئین، کَی یُحرّکوا فیهم روح الأنابة، و دافع الإصلاح والحرکة نحو الکمال المُطلق.

و علیه فإنّ التوبة بشرائطها، لم تحکم بها الآیات و الرّوایات فقط، بل هی ثابتة بحکم العقل و سیرة العُقلاء، و هذا أمرٌ لا یمکن تجاهله البتّة.


1. سورة الحج، الآیة 28.
2. سورة العنکبوت، الآیة 45.
3. سورة البقرة، الآیة 183.
4. سورة التوبة، الآیة 103.
5. نهج البلاغة، الکلمات القصار، مقتبسة من جملة رقم (252).
6. سورة الذّاریات، الآیة 56.

 

4 ـ أرکان التّوبة6 ـ التّبعیض فی التّوبة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma