بعد الإشارة إلى أهمّ المذاهب الأخلاقیة فی هذا الفصل، تتبیّن خصوصیات المذهب الأخلاقی للإسلام بصورة کاملة، حیث یرى أنّ:

(أساس هذا المذهب الأخلاقی، هو الإیمان بربوبیّة الله تعالى، الذی هو الکمال المطلق و مُطلق الکمال و أوامره ساریةٌ و جاریةٌ على جمیع العالم، وکمال الإنسان فی تطبیق صفاته الجلالیة و الجمالیّة، و القرب من الله تعالى أکثر فأکثر).

وهذا لا یعنی أنّه لا أثر للصفات الأخلاقیة فی إنقاذ الإنسان والمجتمع البشری، من عناصر الشّر وقوى الإنحراف، ولکن وفی نظرة إسلامیّة عالمیّة صحیحة، أنّ العالم عبارةٌ عن وحدة متماسکة، وأنّ واجب الوجود هو قُطب هذه الدائرة، و ما عداه مُتّصل به و مُعتمد
علیه، و فی الوقت نفسه هناک علاقة و إنسجام تام بین المخلوقات، فکلّ شیء یساعد على إصلاح المجتمع البشری وتطهیره من البؤر وأشکال الخلل الأخلاقی، فسیکون عاملاً مؤثراً فی إصلاح الفرد فی دائرة السّلوک الأخلاقی، وبالعکس.

وبعبارة اُخرى: إنّ القیم الأخلاقیّة لها إزدواجیّة فی التأثیر، فتصنع الفرد والمجتمع على السّواء،

و الذین یتصورون أنّ المسائل الأخلاقیّة هدفها الغیر ولیس النّفس على أشتباه کبیر، لأنّ مصلحة الإثنین فی الواقع واحدةٌ، لا تتجزّأ إلاّ فی مراحل مقطعیّة محدودة وقصیرة، و قد تقدّم الحدیث عن هذا المفهوم، و سیأتی فی المستقبل إن شاء الله تعالى.

—–