تحوی المصادر الإسلامیة الشیعیة منها والسُنیة على روایات کثیرة بخصوص الأعراف وأصحاب الأعراف ، ومتى ما وضعناها إلى جانب بعضها بشکل صحیح لاستنتجنا منها ما استنتجناه من تفسیر الآیات المذکورة .
وهی فی الحقیقة أخبار کثیرة حتّى أنَّ البعض قال إنّها تربو على 28 حدیث (1) .
تختص بعض تلک الأحادیث بموضوع الأعراف ، وبعضها بالرجال الذین على الأعراف ویتحدث بعضها عن طائفة الحیارى من ضعیفی الإیمان الموجودین هناک ونحن نکتفی هنا بالإشارة إلى بعض الأمثلة المهمّة منه :
1 ـ نقل عن الإمام الصادق (علیه السلام) إنّه حین سُئِل عن معنى الآیة الشریفة : (وَبَینَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الاَْعرَافِ رِجَالٌ ) قال : «سور بین الجنّة والنّار» (2) .
وجاء فی تفسیر الطبری نفس هذا المعنى عن الإمام الباقر(علیه السلام) (3) .
2 ـ جاء فی حدیث للإمام الباقر (علیه السلام) یفسر فیه قوله تعالى : (وَعَلَى الاَْعرَافِ رِجَالٌ )قال: «نزلت فی هذه الأمة، والرجال هم الائمة من آل محمد (صلى الله علیه وآله). قلت: فالأعراف قال: صراط بین الجنّة والنّار ، فمن شفع له الإمام منّا من المؤمنین المذنبین نج ، ومن لم یشفع له هوى»(4).
فهذا الحدیث أوضح معنى الأعراف وکذلک الفریقین الموجودین علیه .
3 ـ وجاء فی حدیث آخر نقله المرحوم الطبرسی فی مجمع البیان عن الإمام الصادق (علیه السلام) قال فیه : «الأعراف کثبان بین الجنّة والنّار ، فیقف علیها کل نبی وکل خلیفة نبی ، مع المؤمنین من أهل الزمان کما یقف صاحب الجیش مع الضعفاء من جنده» (5) .
وجاء فی آخر هذا الحدیث شرح یبیّن أنّ المحسنین یذهبون مُسبقاً إلى الجنّة ، فیقول رجال الأعراف المؤمنون للمذنبین الذین بجانبهم انظروا إلى اخوانکم المحسنین سبقوکم ودخلوا الجنّة ، وهنا ینظر إلیهم المذنبون ویسلّمون علیهم وهذا هو ماذکره القرآن فی قوله : (وَنَادَوا أَصحَابَ الجَنَّةِ أَنْ سَلاَمٌ عَلَیکُمْ لَمْ یَدخُلُوهَا وَهُمْ یَطمَعُونَ ) .
فهؤلاء المذنبون لم یدخلوا الجنّة ویأملون دخولها ببرکة شفاعة النبی (صلى الله علیه وآله)والإمام (علیه السلام) ، ثم یفسر بقیة الآیات على هذا المنوال وبالشکل الذی لایبقى معه شک فی معنى الأعراف والفریقین الموجودین علیه . ویعرض بدقة نفس التفسیر الذی بّینّاه سابقاً بشأن آیات الأعراف الأربع وعلاقتها مع بعضه (6) .
4 ـ جاء فی الدرّ المنثور حدیث آخر عن الرسول (صلى الله علیه وآله) أنّه قال : «یُجمع الناس یوم القیامة فیؤمر بأهل الجنّة إلى الجنّة ویؤمر بأهل النّار إلى النّار ، ثم یقال لأصحاب الأعراف : ما تنتظرون ؟ قالو : ننتظر أمرک ، فیقال لهم : إنّ حسناتکم تجاوزت بکم النّار أن تدخلوه ، وحالت بینکم وبین الجنّة خطایاکم ، فادخلوا الجنّة بمغفرتی ورحمتی» (7) .
طبعاً سبب دخول الجنّة هنا هی شفاعة الشفعاء والرجال المؤمنین فی الأعراف وبإذن من الله .
5 ـ جاء فی حدیث آخر فی الدرّ المنثور منقول عن أبی سعید الخدری بأنّ رسول الله (صلى الله علیه وآله) سُئل عن أصحاب الأعراف فقال : «هُم رجالٌ قُتِلوا فی سبیل الله ، وهم عُصاة لآبائهم فمنعتهم الشهادة أنْ یدخلوا النّار ، ومنعتهم المعصیة أنْ یدخلوا الجنّة ، وهم على سور بین الجنّة والنّار . . فاذا فرغ الله من حساب خلقه فلم یبق غیرهم تغمّدهم منه برحمة فأدخلهم الجنّة برحمته» (8) .
وکما قلنا سابقاً لایوجد أیُّ مانع من شمولهم برحمة الله فی ظل شفاعة الأنبیاء والأولیاء .