قلما نجد فی أعمال الإنسان مثل جمال وجاذبیة (الصدق والواقعیة) ، ویتبیّن من الآیات والروایات أنّ وزن الصدق ثقیل جدّاً فی میزان الأعمال ، وذلک لأنّه یعد من أسمى أوصاف أولیاء الله وهو أحد مفاتیح الجنّة کما صرح بذلک القرآن الکریم: (هَذَا یَوْمُ یَنْفَعُ الصَّادِقِینَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِى مِن تَحتِهَا الاَْنْهَارُ خَالِدیِنَ فِیهَآ اَبَداً ). (1) (المائدة / 119)
ومن الواضح أنّ المراد بالصدق فی هذه الدنیا هو الصدق فی العقیدة والقول والفعل وکل صفة من هذه الصفات هی علامة من علامات (التقوى) عند الإنسان فی هذه الدنیا وإلاّ فلا محل للصدق فی الآخرة حیث لایُکذب هناک .
إضافة إلى هذا فإنّ الأوضاع یوم القیامة لا مجال فیها إلاّ للصدق ، وحتى المذنبون فإنّهم إن عمدوا إلى انکار الحقائق مؤقتاً فسُرعان ما یدرکون بأنّ لا جدوى من الانکار وبالتالی یعترفون بجمیع ذنوبهم .
ویمکن أن نستفید من هذا التعبیر ضمناً أنّ جمیع الأعمال الصالحة تنحصر فی الصدق ، ویتضح التحلیل المنطقی لذلک بشیء من التأمل حیث إنّ جمیع الذنوب إنّما هی ناشئة من عدم الصدق فی ادّعاء الإیمان والإسلام، فالشخص الذی یعترف ویقر بقانون کیف یسمح لنفسه بمخالفته؟
وتتّضح أهمیّة الصدق من هذه الناحیة وهی أنّ الله سبحانه وتعالى جعله الوسیلة لکشف حقائق الناس ، کما ورد ذلک فی حدیث عن الرسول الأعظم (صلى الله علیه وآله) قال: «لا تنظروا إلى کثرة صلاتهم وصومهم ، وکثرة الحج والمعروف ، وطنطنتهم باللیل ، ولکن انظروا إلى صدق الحدیث ، وأداء الأمانة» (2) ، وقال (صلى الله علیه وآله) فی حدیث آخر: «إنّ الصدق یهدی إلى البر والبر یهدی إلى الجنّة» (3) .
إذن فالصدق مفتاح من مفاتیح الجنّة .