یعتقد أغلب العلماء المسلمین کما أشرنا سابق ـ بأنّ الجنّة والنّار موجودتان فی الوقت الحاضر واستدلوا ببعض الآیات المذکورة مسبقاً لتدعیم معتقدهم هذ ، لکن بعض علماء الکلام من أمثال أبی هاشم وعبد الجبار وهما من قدماء المتکلمین یعتقدون بأنّ الجنّة والنّار لیس لهما وجود حالیاً وأنّهما سیخلقان فیما بعد ، وتأکیداً لرأیهم هذا استدلّوا بالآیة الشریفة : (کُلُّ شَىء هَالِکٌ إلاَّ وَجْهَهُ ). (القصص / 88)
فلو کانتا موجودتین حالیاً فانّهما ستتعرضان للفناء فی نهایة هذا العالم وعندئذ تتنافى هذه الآیة مع الآیة القرآنیة القائلة : (اُکُلُهَا دَائِمٌ ). (الرعد / 35)
یقول العلاّمة الحلی(رحمه الله) ردّاً على هذا الاستدلال : «إنّ الهلاک والفناء اللذین وردا فی الآیة یُراد منهما الخروج عن قابلیة الاستفادة، ومن البدیهی أنّ الناس وجمیع المکلفین لو کُتب علیهم الفناء لما عادت للجنّة أیّة فائدة» .
والجواب الآخر عن هذا السؤال هو أنّ الجنّة والنّار غیر موجودتین فی ظاهر هذا العالم بل فی باطنه ، والهلاک والفناء یصدقان على ظاهر هذا العالم. (سیأتی عمّا قریب مزید من التفاصیل بهذا الصدد) .
وقال البعض أیضاً: إنّ الآیة: (کُلُّ شَىء هَالِکٌ إِلاَّ وَجْهَهُ ) تشیر إلى أنّ الله عزّ وجلّ وکل ماخلق بغیر أسباب مادّیة وبلطفه ورحمته ، خالد ، وأنّ کلمة «وجه الله» تشمل جمیع هذه المعانی ومنها الجنّة والنّار وأنّ الفانی والهالک هو عالم المادّة الذی جاء إلى الوجود بعلل مادیة .