إذا کانت حقیقة نفخة الصور غیر واضحة لنا بشکل تام ، فلم تکن فلسفته التربویة خافیة علین . . والمهم لنا هو الآثار التربویة لهذه العقائد الحقّة .
فنفخة الصور تبیّن لن :
1 ـ إماتة واحیاء جمیع المخلوقات لیست حالة عسیرة على الله تبارک وتعالى، فهو تعالى قادر على إماتة جمیع الخلائق بأسرها بصیحة واحدة تصعقها جمیع ، وکذلک هو قادر على أن یحیی جمیع الخلائق بصیحة عظیمة اُخرى وکأنّ المخلوقات کانت فی سبات فتبعث هذه الصیحة على ایقاظهم من نومهم العمیق، وهذا جواب لمن یشک فی المعاد أو لمن یعتقد بأنّ المعاد من الاُمور المستحیلة الوقوع کما کانوا یسألون رسول الله (صلى الله علیه وآله) مرار .
2 ـ نفخة الصور انذار لجمیع الناس بعدم الرکون إلى الدنیا والاطمئنان إلیها لکی لایقعوا فی الغرور والغفلة، وأن یؤمنوا بأنّ صیحة القیامة ونفخة الموت ممکنة الوقوع فی کل حین وأنّهم سائرون إلى دیار العدم إلى الموت الذی یطوی جمیع آمالهم وأمانیهم .
3 ـ تعتبر نفخة الصور وایعازها بنهایة هذا العالم وبدایة عالم آخر من الدروس التربویة العمیقة للناس ، فالإیمان بذلک یجعلهم مُهیّأون لاستقبال مثل هذه الحادثة العظیمة وإذا آمنوا بذلک فانّهم لن یتواکلوا بتأخیر الأعمال إلى الغد، فلیس هناک تاریخ معین لوقوع هذه الحادثة المباغتة التی تقع من غیر مقدّمات .
ونذکر حدیثاً للإمام السجاد (علیه السلام) فی هذا المعنى ینقله الراوی بعد شرح موجز حول نفخة الصور فیقول : عندما یصل الإمام (علیه السلام) إلى هنا: (رأیت علی بن الحسین یبکی عند ذلک بکاءً شدیداً) (فالإمام فی غایة الوجل من مسألة النهایة المباغتة للدنیا وحلول الآخرة والحضور أمام الله تبارک وتعالى) (7) .