مع أنّ الوعد الإلهی حق ، ولا تخلف فیه ، وأنّ جزاء المؤمنین ومعاقبة وتعذیب الکافرین الذی وعد بهما الله سیتحقق قطعاً، لأنّ التخلف عن الوعد لا یکون إلاّ بسبب العجز والضعف أو بسبب الجهل والندم ، وهذا ما لا یمکن أن توصف به ذاته المقدّسة، وعلى هذا یمکن للجمیع أن یرجوا وعده ویخشوا وعیده وما أنذر به من العقاب ، إلاّ أنّ الآیات القرآنیة ـ رغم ذلک ـ تؤکّد أنّ الجنّة والنّار مخلوقتان الآن وهما موجودتان الآن وجاهزتان لاستقبال المستحقّین !و یُستفاد أیضاً من الروایات المختلفة أنّ الأعمال الصالحة التی تصدر عن الناس هی التی توجد الجنّة، وهذا یُعتبر دلیلاً على وجود الجنّة فی هذا الوقت ، وسبب هذا التأکید من أجل أن تدخل مسألة العقاب والثواب مرحلة أکثر جدّیة، ولأجل أنّ یشعر المحسنون بوجود جزاء لأعمالهم على مقربة منهم ، ولیتحسس المسیؤون عواقب أفعالهم .ونعود بعد هذا التمهید الوجیز إلى القرآن ونتدبّر فی الآیات الواردة فی هذا الصدد :

1 ـ (وَجَنَّة عَرْضُهَا السَّموَاتُ وَالاَْرْضُ أُعِدَّتْ لِلمُتَّقِینَ ). (آل عمران / 133)

2 ـ (وَجَنَّة عَرضُهَا کَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالاَْرْضِ أُعِدَّت لِلَّذِینَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ ).(الحدید / 21)

3 ـ (فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِى وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلکَافِرِینَ ). (البقرة / 24)

4 ـ (وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِى أُعِدَّت لِلکَافِرِینَ ). (آل عمران / 131)

5 ـ (وَلَقَد رَءَاهُ نَزْلَةً أُخرى * عِندَ سِدْرَةِ المُنتَهَى * عِندَهَا جَنَّةُ المَأْوَى ).(النجم / 13 15)

6 ـ (یَسْتَعْجِلُونَکَ بِالْعَذَابِ وَاِنَّ جَهَنَّمَ لَمـُحِیطَةٌ بِالْکَافِرِینَ ). (العنکبوت / 54)

7 ـ (إِنَّ الاَبرَارَ لَفِى نَعِیم * وَإِنَّ الفُجَّارَ لَفِى جَحِیم * یَصْلَونَهَا یَومَ الدِّینِ * وَمَا هُم عَنهَا بِغَائِبیِنَ ). (الانفطار / 13 16)

8 ـ (کَلاَّ لَو تَعلَمُونَ عِلمَ الیَقِینِ * لَتَرَوُنَّ الجَحِیمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَینَ الْیَقِینِ ). (التکاثر / 5 7)