الفریق الآخر الذی اعتبره القرآن الکریم مستحقّاً للخلود فی العذاب هو فریق الظالمین ، وهذا ما ورد فی الآیة حیث جاء فیه : (وَقَالَ الَّذِینَ آمَنُوا اِنَّ الخَاسِرِینَ الَّذِینَ خَسِرُوا اَنفُسَهُم وَأَهلِیِهِمْ یَوْمَ القِیَامَةِ أَلاَ اِنَّ الظَّالِمِینَ فِى عَذاب مُّقِیم ) . (الشورى / 45)
ویتبّین من هذا التعبیر أنّ عاقبة الظلم ، الخلود فی النّار .
وقد أکّدت الآیات التی سبقت هذه الآیة مراراً، العذاب الألیم للظالمین (الشورى/42) ، ندمهم الشدید وهم یتعذّبون فی نار جهنّم (الشورى / 44) .
هل المقصود من الظلم هنا هو ظلم عباد الله والمستضعفین أم هو ظلم النفس من خلال الشرک ، لأنّ الشرک کما صرّح به قوله تعالى: (لَظُلْمٌ عَظِیمٌ ). (لقمان / 13)
وجاء أیضاً فی قوله تعالى: (وَالکَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ). (البقرة / 254)
رجّح بعض المفسّرین المعنى الثانی ، ولعل جملة: (قالَ الَّذِینَ آمَنوا )دلیل على هذاالمعنى أیضاً وأنّ المؤمنین المظلومین قد واجهوا ظلماً کبیراً على ید الکّفار الظالمین وهم أی المؤمنون ـ الذین یتحدّثون بهذا الکلام فی یوم القیامة .
وتنص سورة الحشر، بعد الإشارة إلى خلود الشیطان وأتباعه فی النّار : (وَذَلِکَ جَزاءُ الظَّالِمِینَ ) . (الحشر / 17)
ولکن لو علمنا أنّ هذا الحدیث یدور حول الشیطان وأتباعه الکافرین وما ورد فی الآیة السابقة وهو : (کَمَثَلِ الشَّیطَانِ اِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ اکْفُرْ فَلَمَّا کَفَرَ قَالَ اِنِّى بَرِىءٌ مِّنکَ ). (الحشر / 16)
لأدرکنا أنّ المقصود من الظلم فی هذه الآیة مصداقه الأتم، یعنی: الکفر .