ممّا لا شک فیه أنّ الجنّة هی محل الصالحین والأخیار ، ولقد ذکر القرآن ذلک صراحة کجزاء لمثل هؤلاء الأشخاص ورد فی قوله تعالى، عن لسان سحرة فرعون بعد غلبة معجزة موسى وإیمان وتسلیم السحرة بما جاء به والتمرد على فرعون فقالت : (ومَنْ یَأتِهِ مُؤمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَاُولَئِکَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى * جَنَّاتُ عَدن تَجرِى مِن تَحْتِهَا الاَْنْهَارُ خَالِدیِنَ فِیهَا وَذَلِکَ جَزَاءُ مَن تَزَکَّى ) . (طه / 75 ـ 76)
«تزکى» : مشتقة من مادة (تزکیة) وتشمل تزکیة العقیدة وکذلک تزکیة الأقوال والأفعال أیض .
وفی الحقیقة أنّ الجنّة محل مطهر من جمیع القذارات والأدران، ومن الطبیعی أنّ هذا المحل لا یصلح إلاّ للأخیار الذین لم یلبسوا إیمانهم بظلم .
وقد قال بعض المفسرین :إنّ (الدرجات العلى) جعلها الله لمن کان له إیمان وعمل صالح وتزکیة نفس .
وعلى هذا الأساس لا یتنافى أن تکون الدرجات الأقل للمؤمنین الذین خلطوا أعمالاً صالحة بأخرى سیئة ، أو حتى الذین ارتکبوا أحیاناً المنکرات .
ولکن هؤلاء لن یستطیعوا دخول الجنّة التی هی محل القدس والطهارة ما لم یتطهروا من هذه الذنوب ، وهناک احتمال آخر وهو أنّ هذه الآیات لم تکن عن لسان سحرة فرعون وإنّما هی کلام الله المباشر، ولکن ومهما کان تفسیر الآیة فإنّ المعنى واحد .