نحن نعلم أنّ الإسلام یعتبر هذا الذنب من أکبر الذنوب فهو یؤدّی إلى اندحار وذلّة وشقاء المسلمین ویستوجب أشد العقوبات وهنا یصرح القرآن :(یَاأَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اِذَا لَقِیتُمُ الَّذینَ کَفَرُوا زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الاَدبَارَ * وَمَن یُوَلِّهِمْ یَومَئِذ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَال أو مُتَحَیِّزاً اِلَى فِئَة فَقَد بَاءَ بِغَضَب مِّنَ اللهِ وَمَأوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئسَ المَصِیرُ ). (الانفال / 15 16)
«الزحف»: وفقاً لرأی أصحاب اللغة (1) یعنی فی الأساس الحرکة المصحوبة بجر الأرجل على الأرض کحرکة الطفل فی بدایة تعلمه للمشی ، أو کسیر الجمل عند شدّة التعب ثم استعملت هذه الکلمة لتعنی حرکة المجامیع الکبیرة من الناس لأنّهم یبدون لکثرتهم وکأنّهم ینزلقون على الأرض فی مشیهم ویتقدمون نحو الإمام .
وعلى أیّة حال ، تحمل هذه الجملة إشارة إلى أنّ قوّة العدو مهما کانت کبیرة فلا ینبغی التراجع أمامها أو الفرار من ساحة المعرکة عند المواجهة ، إلاّ بأمر القائد .
ومن الواضح أَنَّ حرمة الفرار من الزحف یعتبر قانوناً إسلامیاً عام ، وأمّا قول بعض المفسرین الذین اعتبروه خاصاً بمعرکة بدر دون سواها فهو قول لا دلیل على صوابه کما اُشیر إلیه فی تفسیر المیزان (2) ، ولا سیما أنّ هذه الآیة قد نزلت بعد معرکة بدر (3) . إذن فالفرار من الجهاد من موجبات دخول النّار .