10 ـ النعم التی لا یدرکها التصور

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء السادس)
9 ـ لهم ما یشتهون 11 ـ خلود نِعَم الجنّة

 تُلحظ فی القرآن الکریم تعابیر تذهب إلى أکثر بکثیر ممّا ذکرناه لحد الآن ، فهی تتحدث عن قضیّة تخرج عن إطار التفکیر لدى جمیع أبناء البشر ولا تسعها دائرة التصور والخیال والوهم ، وهی أبعد ممّا قرأنا وکتبن .إنّ استدلال الآیات القرآنیة بمثل هذا الأمر یعکس مدى عظمة النعم الإلهیّة والتی یعجز البیان عن وصفها، وهی من الآیات العجیبة فی القرآن، مثل : (فَلاَ تَعلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِىَ لَهُمْ مِّن قُرَّةِ اَعْیُن جَزَاءً بِمَا کَانُوا یَعْمَلُونَ ). (السجدة / 17)

وجاء فی حدیث مشهور عن النبی (صلى الله علیه وآله) أنّه قال : « إنّ الله یقول أعددت لعبادی الصالحین ما لا عین رأت ولا اُذن سمعت ولا خطر على قلب بشر » (1) .تجدر الإشارة إلى أنّ هذه البشارة العظمى قد وردت فی القرآن الکریم فی أعقاب سرده لصفات المؤمنین الذین یقومون اللیل لمناجاة ربّهم ( صلاة اللیل ) والذین ینفقون من أموالهم ; وهذه دلالة على أنّ أفضل الطاعات والعبادات والأعمال الصالحة هی « صلاة اللیل »، « والانفاق »، والغریب فی الأمر أنّ صلاة اللیل تعنی عبادة یؤدّیها المؤمن فی الخفاء، وکذلک الانفاق الخالص فإنّه غالباً ما یجری فی الخفاء کذلک ، ویکون الجزاء على ذلک من قبل الله تعالى فی الخفاء أیضاً، فجعله مستوراً ولم یُطلع علیه أحد .

وهناک نقطة اُخرى أیضاً تسترعی الإنتباه وهی أنّ تعبیر « قرّة أعین » تعنی برودة الأعین (2) . لأنّه من المعروف بین العرب أن « دموع الشوق » التی تنهمر عادة من الأعین عند الفرح الشدید تکون باردة ، على العکس من دموع الحزن التی تتصف عادة بالحرارة والحرقة ، لذا فإنّ العربی عندما یرید القول: إنّ الموضوع أو الحادثة الفلانیة مدعاة للسرور والارتیاح ، نراه یقول « قرة العین أو قرّة أعین » .وعلى أیّة حال فهنالک کلمات وآیات لا یبلغها عقل الإنسان مهما بلغ من التسامی ومهما ارتقى من الذُرى ، وکلما تعمّق لسبر أؤغوارها کلما توصل إلى مفاهیم وأبعاد جدیدة ، حتّى یصل الفکر إلى مکان یقف عنده ویعترف بعدم القدرة على بلوغ أعماقه ، والآیة التی نبحث فیها تمثل فی الواقع إشارة قیّمة وذات مغزىً للنعم الروحیة والمعنویة العظیمة لأصحاب الجنّة ، فهى تحمل بین طیّاتها هذا المفهوم وهو عدم استطاعة أی إنسان حتّى الأنبیاء المرسلین والملائکة المقرّبین من بلوغ هذه الحقیقة ومعرفة ما أخفى الله من جزاء لخاصة عباده ، ومن المؤکد أنّهم یبلغون درجات عالیة من القرب إلى ذاته المقدّسة ومراحل رفیعة من وصال لقائه ومنازل سامیة من عنایته وألطافه لا یدرکها إلاّ من بلغها.


1. نقل هذا الحدیث عدد کبیر من المفسرین منهم الطبرسی فی مجمع البیان ; والآلوسی فی روح المعانی ; والقرطبی فی تفسیره ; والعلاّمة الطباطبائی فی المیزان ، وذکره کل من البخاری ومسلم فی کتابیهم .
2. «قُرّ» فی اللغة على وزن «حُرَّ» وتعنی البرودة .

 

9 ـ لهم ما یشتهون 11 ـ خلود نِعَم الجنّة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma