لیس الظلم وحده یؤدّی إلى ورود جهنّم المتوقدة بنار الغضب الإلهی ، بل الرکون إلى الظالمین واعانتهم یؤدّی إلى ذلک أیضاً کما صرح بذلک القرآن الکریم ـ وقد جاء فی الآیة الشریفة :(وَلاَ تَرْکَنُوا إِلَى الَّذِینَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّکُمُ النَّارُ وَمَالَکُمْ مِّنْ دُونِ اللهِ مِنْ اَوْلِیَاءَ ثُّمَ لاَ تُنصَرُونَ ). (هود / 113)
کلمة «ترکنوا» مشتقة من مصدر (الرکون) والذی یعنی فی رأی أصحاب اللغة الاتکال على الشیء والمیل إلیه ، وهو مایستلزم اتصافه بالقوة والمقدرة ، لأنّ الإنسان یتوکّل ویعتمد على ما فیه القدرة ، ولذلک تطلق کلمة «الرکن» على العمود أو الجدار الذی یُقام علیه البناء أو الأشیاء الاُخرى (1) .
و تحمل الآیة أعلاه عنواناً عاماً یطلق على کل الظلمة ، وتشتمل أیضاً من خلال تعبیر «الرکون» على أیَّ نوع من أنواع الارتباط والاعتماد على الظالمین ، وتقول إنّ الجمیع سیقعون فی نهایة المطاف فی قبضة العذاب الإلهی ، بل وإنّهم حتّى فی هذه الحیاة الدنیا لا یجنون غالباً سوى الفشل والخسران والشقاء لأنّ الظالم حین یقوى لا تأخذه رأفة ولا رحمة على غیره.
وعلى أیّة حال، فإذا کان الرکن الذی یُعتمد علیه سبباً لمثل هذا الشقاء فمن البدیهی ومن باب أولى ـ أن تکون تقویة الظلمة وإعانتهم سبباً لدخول الإنسان النّار ، ولهذا السبب فقد شدّدَ القرآن فی النهی، وبکل صراحة، عن أی تعاون ومساعدة على الظلم ، وقال : (وَلاتَعاوَنُوا عَلَى الاِْثْمِ وَالْعُدوَانِ ). (المائدة / 2)
وقد انذرت الروایات الإسلامیة بأشد العذاب والجزاء لمن یکون سبباً فی تقویة وتعزیز الظالم بأی شکل من الأشکال ، حتى فیما لو وضع بین یدیه القلم أو الدواة لکتابة حکم فیه أی ظلم ، وسنأتی على تبیان ذلک بإذن الله فی الموضع المناسب .
1. مصباح اللغة ; صحاح اللغة ; والتحقیق فی کلمات القرآن الکریم .
