الاستغفار من الذنوب والتوبة والانفاق فی السراء والضراء وکظم الغیظ والعفو والصفح عن الناس وعدم الإصرار على الذنب مجموعة من الصفات تعرضت لها بعض الآیات من القرآن الکریم ووعدت فی مقابل ذلک الجنّة، قال تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغفِرَة مِّنْ رَّبِّکُم وَجَنَّة عَرْضُهَا السَّمواتُ وَالاَْرْضُ اُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِینَ )، وهذه الآیة کالتوطئة لذکر ما یذکره تعالى بعد من أوصاف المتقین ثم شرع ببیان هذه الأوصاف وقال : (اَلَّذِینَ یُنْفِقُونَ فِى السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْکَاظِمِینَ الْغَیْظَ وَالْعَافِینَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ یُحِبُّ الُْمحْسِنِینَ * وَالَّذِینَ اِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا اَنفُسَهُم ذَکَرُوا اللهَ فَاسْتَغفَرُوا لِذُنُوبِهِم ) ، ووعدهم فی نهایة الآیة المغفرة والجنّة:(اُولَئِکَ جَزَاؤُهُمْ مَّغفِرَةٌ مِّنْ رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِى مِن تَحتِهَا الاَْنهارُ... ) .(آل عمران / 133 ـ 136)
«المسارعة» : هی الاشتداد فی السرعة وهی ممدوحة فی الخیرات ومذمومة فی الشرور ، والمسابقة إلى المغفرة هی إشارة إلى السبق إلى أسباب المغفرة ، لذا فسرها البعض بالإسلام وقیل أداء الفرائض وقیل الهجرة وقیل الصلوات الخمس وقیل الجهاد وقیل التوبة والتی تعد کل واحدة منها من عوامل المغفرة الإلهیّة ، وتشکل هذه الأوصاف موجبات السبق إلى الجنّة والفوز به ، ولقد أشارت الآیات بعدها إلى مسألة الانفاق والاستغفار والعفو والصفح والاحسان وکل هذه الاُمور من الأسباب المهمّة للمغفرة ودخول الجنّة .
ولقد ورد نفس هذا المعنى فی قوله تعالى بشیء من الاختلاف حیث حَلَّ تعبیر (سابقوا) محل (سارعوا) قال تعالى : (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَة مِّنْ رَّبِّکُمْ وَجَنَّة عَرْضُهَا کَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالاَْرْضِ ) . (الحدید / 21)
ومن البدیهی أن (سارعوا) من باب (مفاعلة) وتأتی بمعنى التسابق والنتیجة واحدة(تأمل) .
ولکن بعض المفسرین فسروا (سارعوا) بمعنى المبادرة أو الاشتداد فی السرعة ولم یروها من باب (مفاعلة) .
على أیّة حال، فإنّ هذه التعابیر تدلل على أنّ الدنیا ساحة تسابق، والهدف النهائی من هذه المسابقة هو الوصول إلى المغفرة والفوز بالجنّة وبهذه السعة التی وصفتها الآیة الکریمة ، وسوف نتکلم حول (سعة الجنّة) فی نهایة هذا الجزء إن شاء الله .
