من المعلوم أنّ الصوت نوع من الأمواج التی تتحرک فی الهواء وفی السوائل أو الجمادات والأصوات التی تسمعها اذن الإنسان یجب أن لا تقل ذبذباتها عن 20 ولا تزید عن 20000 فی الثانیة . . وهناک مخلوقات تسمع الأصوات التی تزید ذبذباتها عن ذلک، ومن بینها طائر الخفاش حیث إنّ لهذا الحیوان القابلیة على سماع الأصوات التی یبلغ مقدار ذبذباتها 145 ألف ذبذبة (1) فی الثانیة ، ومن المعروف أنّ الحیوانات تدرک الهزة الأرضیة قبل الإنسان ولعل السبب فی ذلک یعود إلى هذا العامل حیث إنّها تسمع الأمواج الصوتیة المنبعثة منها والتی لا یتمکن الإنسان من إدراکها، وکما هو معلوم فإنّ الأمواج الصوتیة الشدیدة تسبب أحیاناً تدمیر کل شیء، وما تأثیر القنابل والمواد المنفجرة على الإنسان والأبنیة إلاّ بفعل هذه الأمواج الشدیدة التی یُعبّر عنها بـ (أمواج الانفجار) فهی قادرة فی لحظة واحدة على تحطیم أی مقاومة تواجهه ، فتحول الإنسان والأبنیة إلى حطام متناثر .
على هذا الأساس لیس من العجب أن تکون صیحة القیامة هی السبب فی إماتة الناس وجمیع المخلوقات وازالة الجبال فی مدّة قصیرة، ویُحبذ أن ننقل کلاماً للإمام علی (علیه السلام)ورد فی نهج البلاغة: «ویُنفَخُ فی الصُّوْرِ فتزهَقُ کُلُّ مُهْجة وتبکُم کُلُّ لَهْجَة وَتذلُّ الشُّمُّ الشوامخ والصُّمُّ الرَّواسخُ فَیَصیرُ صَلْدُها سَراباً رقرَقاً وَ مَعْهَدُها قاعاًسَمْلَقاً»(2) .
فحَریٌّ بنا أن نُدرک أنّ هذه الأشیاء تخص (نفخة الإماتة) ومن البدیهی أنّ (نفخة الإحیاء) شیء آخر فهی صرخة النهوض والحیاة والحرکة والنشاط .
وتبقى معرفتنا بهذه النفخة وسائر المسائل المتعلقة بیوم القیامة محدودة جدّ .