لماذا هذه المعرفة ؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء السادس)
موضع بین الجنّة والنّار :1 ـ الأعراف فی اللغة والتفسیر

یُستفاد من مجموع القرائن الموجودة فی الآیات موضوع البحث والتی سیأتی شرحها مفصّلاً فی البحوث القادمة ـ وکذلک من الروایات الکثیرة الواردة فی المصادر الإسلامیة بخصوص الأعراف ، بأنّه یوجد فیها فریقان : فریق من رجال الله والشخصیات البارزة والمقرّبة إلى الله وفریق آخر من المستضعفین ومن الذین خلطوا عملاً صالحاً وآخر سیِّئ ـ فبعضْهم غلبت حَسناتُهم سیّئاتهم وبعضهم سیئاتهم فاقت حسناتهم ، وفی الحقیقة هم حائرون لا إلى الجنّة ولا إلى النّار.

وهنا یعرف أولئک الرجال هذا الفریق من سیماهم ، فیقولون لمن یستحق الشفاعة والمغفرة ، ویستمد من معدن أولیاء الله : إذهبوا إلى الجنّةِ ، ثم یسوقون الباقین إلى جهنّم .

وهذا هو أفضل تأویل وتفسیر یوضّح مجموع الآیات المتعلّقة بالاعراف ، وکذلک الآیات السابقة واللاحقة لها ویخلصنا من أی نوع من الکلام الزائد ، ویشکل قاسماً مشترکاً وحلقة اتصال بین الکثیر من أقوال وتفاسیر المفسّرین .

فقد نقل المرحوم العلامة الطباطبائی على سبیل المثال ـ اثنی عشر قولاً بخصوص من على الأعراف (نقل بعضهم فقط عشره أقوال أو سبعة ، مثل تفسیر القرطبی والتفسیر الاثنی عشری وبهذا الترتیب .

1 ـ إنّهم أشراف الخلق الممتازون بکرامة الله .

2 ـ إنّهم قوم استوت حسناتهم وسیئاتهم فلم تترجح حسناتهم حتى یدخلوا الجنّة ، ولا غلبت سیئاتهم حتى یؤمروا بدخول النّار ، فأوقفهم الله تعالى على هذه الأعراف لکونها درجة متوسطة بین الجنّة والنّار .

3 ـ إنّهم أهل الفترة .

4 ـ إنّهم مؤمنو الجن .

5 ـ إنّهم أولاد الکفّار الذین لم یبلغوا فی الدنیا أوان البلوغ .

6 ـ إنّهم أولاد الزن .

7 ـ إنّهم أهل العجب بأنفسهم .

8 ـ إنّهم ملائکة والتعبیر عنهم بالرجال لأنّهم یتشکلون بأشکال الرجال .

9 ـ إنّهم الأنبیاء (علیهم السلام) یقامون علیها تمییزاً لهم على سائر الناس ولأنّهم شهداء علیهم .

10 ـ إنّهم عدول الاُمم الشهداء على الناس یقومون علیها للشهادة على اُممهم .

11 ـ إنّهم قوم صالحون فقهاء علماء .

12 ـ إنّهم العباس والحمزة وعلی وجعفر یجلسون على موضع من الصراط ، یعرفون محبیهم ببیاض الوجوه ، ومبغضیهم بسواده ... .(1)

وورد فی الکثیر من الروایات المنقولة عن أهل البیت (علیهم السلام) : عن هلقام ، عن أبی جعفر (علیه السلام) قال : سألته عن قول الله تعالى : (وَعَلَى الاَْعرَافِ رِجَالٌ یَعرِفُونَ کُلاًّ بِسِیَماهُم )مایعنی بقوله (وَعَلَى الاَْعرَافِ رِجَالٌ )؟ قال : «ألستم تعرفون علیکم عرفاء ، وعلى قبائلکم لیعرف من فیها من صالح أو طالح ؟ قلت : بلى ، فقال فنحن أولئک الرجال الذین یعرفون کلاً بسیماهم»(2).

ولکن کل تلک الأقوال الاثنی عشر أو الثلاثة عشر مجموعة فی الحقیقة فی التفسیر الذی ذکرناه سالف ، ألا وهو وجود فریقین فی الأعراف : فریق من الأبرار والصالحین وأولیاء الله وفی طلیعتهم «محمد وآل محمد» (علیهم السلام) ومن ثم الأنبیاء والملائکة ، وجماعة من الصالحین والعلماء والفضلاء ، وفریق من المستضعفین ومن أصحاب الأعمال والصالحة والأعمال السیّئة ، أو الذین لیست لدیهم أعمال صالحة ولا سیّئة (کالأبناء غیر البالغین للکفّار والجهلة القاصرین وأهل الفترة) .

إنَّ الروایات التی ذکرناها آنفاً تؤید بصراحة وجود هذین الفریقین فی الأعراف .

ولهذا تواصل الآیة الأولى الکلام عن الفریق الثانی فتقول : (وَنَادَوا أَصْحَابَ الجَنَّةِ أنْ سَلاَمٌ عَلَیْکُمْ لَمْ یَدخُلُوهَا وَهُمْ یَطمَعُونَ ) .

وبهذا السیاق یشیر صدر الآیة وذیلها إلى هذین الفریقین المختلفین المذکورین فیما سبق .

وتضیف الآیة الثانیة : (وَإِذَا صُرِفَتْ اَبصَارُهُم تِلقَاءَ اَصحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ القَومِ الظَّالِمِینَ ) .

تعود الضمائر فی هذه الآیة (الضمیرین فی کلمتی «أبصارهم» و«قالوا») ، کما هو الحال فی ذیل الآیة السابقة ، إلى الفریق الثانی ، بینما یدور الکلام فی مطلع الآیة الأولى عن الفریق الأول .

وهذا هو فقط الخلاف الظاهر الذی نراه نحن فی تفسیر هذه الآیة ، أی أن نفصل مَرَدَّ هذه الضمائر ، لکن القرائن المتعددة لهذا الخلاف الظاهری موجودة فی الآیة الاُولى ، وکذلک فی الآیات اللاحقة ، لأنَّ الرجال الموجودین على الأعراف یعرفون الکل بسیماهم ، ویأمرون هناک وینهون ، ویلومون أهل النّار ، ویرسلون إلى الجنّة من یستحقّها بفضل الله ، هم لیسوا ممن تشملهم جملة : (لَم یَدخُلُوهَا وَهُم یَطمَعُونَ ) .

و خلاصة القول هی أنّ فی هذه الآیات تعابیر دالة على وجود رجال ذوی مقام رفیع على الأعراف ، وبیدهم الأمر والنهی . وهم أصحاب المقام الرفیع فی معرفة أصحاب الجنّة وأصحاب النّار (حتّى قبل دخولهم فیهما) ، وکذلک توجد تعابیر فی هذه الآیات تدل على وجود فریق حائر على الأعراف وعلیهم آثار القلق البالغ خوفاً على مصیرهم .

فهم طامعون فی الجنّة وخائفون من النّار ، وینبیءُ مجموع هذه القرائن عن وجود هذین الفریقین على الأعراف ، ویمکن فی ظل هذا التفسیر حل جمیع المشاکل العالقة فی تفسیر هذه الآیات .

وتعود الآیة الثالثة إلى الفریق الأول مَرّة ثانیة فتقول : (وَنَادَى أَصحَابُ الاَْعرَافِ رِجَالاً یَعرِفُونَهُم بِسِیَماهُمْ قَالُوا مَاأَغنَى عَنکُمْ جَمعُکُمْ وَمَاکُنتُمْ تَسْتَکبِرُونَ ) .

ویعکس هذا اللُّوم والتوبیخ الشدید الصادر من أصحاب الأعراف إلى أصحاب جهنّم أحد المؤشرات الجلِیّة على سموِّ مقامِهم ،فهم یعاقبونهم بسیاط الملامة والتعنیف مثلما یفعل الملائکة معهم .

وفی الآیة الرابعة یتحدث نفس أصحاب المقامات السامیة فی الأعراف ، وهم یشیرون إلى جماعة من ضعفاء المؤمنین من جهة ، وموجّهین الخطاب من جهة اُخرى إلى المستکبرین من أصحاب النّار ، وبأسلوب التوبیخ ، قائلین لهم : (أَهُؤَلاَءِ الَّذِینَ أَقْسَمْتُمْ لاَیَنَالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَة ) .

ثم یلتفتون فی نفس الوقت إلى ضعفاء المؤمنین فیقولون لهم : (اُدخُلُوا الجَنَّةَ لاَخَوفٌ عَلَیْکُمْ وَلاَ أَنتُم تَحزَنُونَ ) .

و یظهر من خلال هذا التعبیر وبوضوح وجود فریقین هناک وهم : فریق ذوی المقام الرفیع ، وفریق الحیارى من ضعاف المؤمنین الذین تشملهم الرحمة الإلهیّة فی ختام المطاف ، ویُساقون بأمر ذوی المقام الرفیع الموجود فی الأعراف ، نحو الجنّة .


1. تفسیر المیزان، ج 8، ص 126 ذیل الآیات مورد البحث .
2. أورد المرحوم العلاّمة المجلسی هذه الروایة فی بحار الأنوار ، ج 8 ، ص 336 ، و337; ونقلها أیضاً المرحوم الکلینی فی اصول الکافی ، ج 2 ، ص 408 .
موضع بین الجنّة والنّار :1 ـ الأعراف فی اللغة والتفسیر
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma