إنّ جمیع بحوث المعاد تختتم لا محالة بإحدى النقطتین : إّما (الجنّة) أو (النّار).
فأمّا «الجنّة»: فهی مرکز لأنواع المواهب والنعم الإلهیّة المعنویة والمادیة .
وأمّا «النّار» : فهی مکان لأنواع العذاب ومختلف العقوبات والحرمان ، من هنا نتساءل عن حقیقة الجنّة ، وکیف تکون ؟ واین تقع ؟ وهل هی مخلوقة أم ل ؟
هناک آراء عدیدة فی هذا المجال، ولأخذ الجواب الصحیح عن هذه الأسئلة یمکننا الاستعانة بالتصریحات أو الإرشادات الواردة فی الآیات الکریمة ، إضافة إلى ذلک هناک آیات کثیرة تتحدث عن خواص الجنّة وأصحابه ، والنعم الموجودة فیها من الحدائق ، والأنهار ، والعیون ، والأطعمة ، والأشربة الطهورة ، والألبسة ، والحور العین ، والولدان المخلدین ، والخدم ، والحشم ، والاحترام ، والإکرام المنقطع النظیر من الملائکة وکذلک المواهب المعنویة واللذائذ الروحیة ، وتشکل مجموع هذه الآیات القسم الأعظم من آیات (المعاد) .
ونرى من الضروری الإشارة إلى هذه النکتة وهی: أنّ أفکارنا وتصوراتنا محدودة ضمن المعاییر والاُطر الدنیویة، لذا فإنّ عقولنا لا تدرک حقیقة الجنّة وما فیها من نعم مخفیة ، الجنّة أفضل وأعلى وأعمق ممّا رأینا أو کتبنا أو قرأن .
ولکن على أیّة حال یمکننا ـ وعلى ضوء دراسة الآیات القرآنیة والروایات الواردة فی هذا المجال ـ أن نرسم صورة إجمالیة عن الجنّة ومافیها من نعیم ، ومن المعلوم أنّ لهذا التصور آثاراً تربویة قیمة ، فمهما کانت دوافع الإنسان المادیة أو المعنویة فانّها تدعوه إلیها وتجذبه نحوه .
بهذه المقدمة نرجع إلى القرآن الکریم ونستعرض الآیات التی تتحدث عن الجنّة ، ومن الطریف أنّ هذه الآیات جاءت فی ثمان مجموعات بعدد أبواب الجنّة .