استیفاء الأعمال یوم القیامة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء السادس)
یومئذ کلٌ یرى عمله لا تجزون إلاّ ما کنتم تعملون

یلاحظ فی الآیات السابعة والثامنة والتاسعة والعاشرة تعبیراً آخراً فی مسألة تجسّم وحضور الأعمال ، حیث ورد فی هذه الآیات أنّ أعمال الإنسان الصالحة والسیئة (الخیر والشرّ) ترجع إلى الإنسان یوم القیامة کاملة غیر منقوصة ، والظاهر من کل هذه الآیات أنّ المراد هو استیفاء العمل نفسه ولیس جزاء العمل أو کتاب العمل .

قال تعالى فی الآیة السابعة : (وَلِکُلّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِیُوَفِّیَهُمْ أَعْمَالَهُم وَهُمْ لاَیُظْلَمُونَ ) .

وقال تعالى فی الآیة الثامنة بعد الإشارة إلى محکمة القیامة وکتاب الأعمال والشهود ونفی الظلم : (وَوُفِّیَتْ کُلُّ نَفْس مَّاعَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا یَفْعَلُون) ، فکأنّ هذه الآیة تبیّن علّة الحکم بالحق وعدم ظلم الآخرین الذی ورد فی الآیة التی تسبقها فتقول : کیف یقع الظلم والجور على أحد فی حین أنّ نفس أعماله توفى إلیه ؟ ! إضافة إلى ذلک أنّ هذه المحکمة تدار من قبل من هو أعلم بما یفعلون .

ولقد جاء نفس هذا المعنى فی الآیة التاسعة: (وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَیْر یُوَفَّ إِلَیْکُمْ وَأَنْتُمْ لاَتُظْلَمُونَ ) .

وکذلک ورد فی الآیة العاشرة نفس هذا المعنى أیضاً ولکن بعبارات أکثر عمومیة وشمولیة: (ثُمَّ تُوَفَّى کُلُّ نَفْس مَّاکَسَبَتْ وَهُمْ لاَیُظْلَمُونَ ) .

«ووفیت وتوفى ویوفى» کلّها مشتقّة من مادة (وفا) التی تعنی الوصول إلى الکمال و«توفیه»: بمعنى دفع الشیء بصورة کاملة و(توفى) بمعنى أخذ الشیء کامل .

ویجب أن نذکر أَنَّ القرآن الکریم یشیر فی بعض الموارد بقوله : (اِنَّمَا یُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَیرِ حِسَاب ) . (الزمر / 10)

ولکنه یقول فی الآیات السابقة وبعض الآیات الاُخرى إنّهم یستوفون نفس أعمالهم، ونحن نقول : إنّه لامنافاة بین الاثنین وذلک للاستفادة من مجموع الآیات الکریمة، فبالإضافة إلى تعلّق الأجر والجزاء بالأعمال فإنّ أعمال الإنسان تستوفى فی ذلک الیوم ، ویمکن أن نشبّه هذه المسألة بالسائق الذی یخالف مقررات المرور فکما أنّه یتعرض لخسارة الاصطدام کذلک یجب علیه دفع الغرامة .

ولقد فسَّر الکثیر من المفسِّرین هذه الآیات بأنّها کنایة عن أخذ جزاء الأعمال ، لکننا نقول: هذا کلام لا دلیل علیه بل وکما لاحظنا أنّ هناک الکثیر من الآیات القرآنیة والأحادیث الشریفة (التی سنشیر إلیها لاحقاً) تدلّ على تجسّم وحضور أعمال الإنسان یوم القیامة، لذا فنحن ندع الآیات ومعناها الظاهری .

وعلى هذا الأساس نتناول بحث تجسّم الأعمال کما فعل ذلک جمع من أهل التحقیق والتفسیر والحدیث .

وفی الآیة الحادیة عشرة إشارة إلى الذین یکنزون الذهب والفضة ولا ینفقونها فی سبیل الله ، وکذلک إشار إلى العذاب الألیم الذی ینتظر هؤلاء ، فتذکر هذه الآیة بوضوح الدراهم والدنانیر التی اکتنزوها ولم ینفقوها فی سبیل الله فسوف یؤتى بها یوم القیامة ویحمى علیها فی نار جهنّم وتکوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم، ویقال لهم هذا ما کنزتم لأنفسکم فذوقوا ما کنتم تکنزون.

من هنا یطرح هذا السؤال : لماذا خصت الآیة هذه الأعضاء الثلاثة دون غیره ؟

قال البعض : لأنّها تشمل معظم البدن (وإنّما خصت هذه الاعضاء لأنّها تمثل معظم البدن)(1) .

وقیل : لأنّ صاحب المال إذا رأى الفقیر قبضَ جبهته وزوى یمینه وطوى عنه کشحه وولاه ظهره .

وقیل : إنّ المقصود من کسب الأموال حصول فرح فی القلب یظهر أثره فی الوجوه، وحصول شبع ینتفخ بسببه الجنبان، ولبس ثیاب فاخرة یطرحونها على ظهورهم، فلما طلبوا تزیین هذه الأعضاء الثلاثة، لا جرم أن حصل الکی على الجباه والجنوب والظهور(2) .

صحیح أنّ هذه الآیة لم تذکر صراحة تجسّم الأعمال، ولکنّها دلّلت على حضور الأموال فی عرصات یوم القیامة، ویمکن أن نعتبر نفس هذا التعبیر إشارة إلى مسألة تجسّم الأعمال، وبالرغم من الزوال والفناء الظاهری لهذه الأموال ولکنها بحکم المعاد سوف تعود وتتجسّد هناک ویحمى علیها فی نار جهنّم وتکوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم .

ثم یطرح هذا السؤال : ما المراد بالکنز هنا ؟ هناک آراء عدیدة فی الإجابة عنه : فمما لا شکّ فیه أنّ للکنز مفهوماً واسعاً یشمل جمیع الأموال النفیسة التی تجمع وتدخر فی مکان ما، فهل یدلّ مفهوم الآیة على أنّ حرمة ادّخار جمیع الأموال الفائضة عن الحاجة والتی یترتب علیها ماورد فی هذه الآیة من عقوبات ؟ أم أنّ الآیة تخصّ الذین یمتنعون من أداء الحقوق الشرعیة کالزکاة وغیره ؟ أمّا الذین یؤدّون الحقوق الواجبة فلم تشملهم هذه الآیة وماورد فیها من عقوبات؟

المشهور بین الفقهاء والمفسِّرین والمحدِّثین : هو المعنى الثانی، ولقد وردت بهذا الخصوص أحادیث کثیرة منقولة عن الطرفین (السُنّة والشیعة) ومن جملتها الحدیث المنقول عن الرسول الأعظم (صلى الله علیه وآله) : «أی مال أدیت زکاته فلیس بکنز»(3) .

کما أنّ هناک احتمالاً آخر وهو أنّ المجتمع الإسلامى إذا تعرض نتیجة تجمید رؤوس الأموال إلى أزمة اقتصادیة شدیدة، فیجب على أصحاب رؤوس الأموال اخراجها، إمّا عن طریق الانفاق أو عن طریق استثمارها فی مجالات العمل المختلفة من أجل تأمین المتطلبات الضروریة للمجتمع .

فاذا اکتنزوا أموالهم فی مثل هذه الأوضاع ولم یخرجوها للتداول والاستثمار فسوف تشملهم الآیة الکریمة ، ولعل مایؤکد هذا المعنى ما ورد عن أمیر المؤمنین (علیه السلام) إذ قال :

«مازاد على أربعة الآف فهو کنز أدّى زکاته أو لم یؤدها وما دونها فهی نفقة فبشرهم بعذاب الیم»(4) .


1. تفسیر مجمع البیان، ج 5، ص 26 .
2. لقد ذکر الفخر الرازی ستة أوجه فی تفسیر هذه الآیة، تفسیر الکبیر ج 16 ص 48، وأشار إلى هذا المعنى تفاسیر روح البیان; وروح المعانی; والقرطبی .
3. تفسیر المنار، ج 10، ص 406 وفی صحیح البخاری هناک باب تحت عنوان (ما أدى زکاته فلیس بکنز) ج 1، الجزء 3، ص132، وکذلک تفسیر نور الثقلین، ج 2، ص 213.
4. تفسیر نور الثقلین، ج 2، ص 213، ح 132 .

 

یومئذ کلٌ یرى عمله لا تجزون إلاّ ما کنتم تعملون
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma