11 ـ الحور العین

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء السادس)
10 ـ حلی الجنّة 12 ـ الخدم والسقاة

یعتبر اختیار الزوجة الصالحة من أهم عوامل الراحة والسکینة والأُنس والحیویة فی هذه الدنیا .

فالزوجة الصالحة (وکذلک الأمر بالنسبة للزوج الصالح) تسهل على الزوج تحمل جمیع مشاکل الحیاة وصعوباتها، وتعطی للحیاة طعماً خاصاً ملیئاً بالمحبة والبهجة والسعادة .

وعلى العکس ـ فی حالة عدم امتلاک زوجة أو امتلاک الزوجة غیر الصالحة ـ فسوف تتبدل حلاوة الحیاة وعذوبتها إلى جحیم لایطاق حتى وإن توفرت جمیع أسباب الراحة.

وبتعبیر آخر، إنّ الزوجة الصالحة التی تتحلى بالفضائل الأخلاقیة والخصال الحمیدة. لم تکن أساس اللذة الجسمانیة فقط وإنّما تعتبر أساس اللذة الروحانیة أیضاً.

فلیس من قبیل المصادفة أن یرکّز القرآن الکریم ضمن عرضه لأنواع النعم فی الجنّة على هذه المسألة ، فقد عبّر بتعابیر عمیقة المحتوى فی هذا المجال.

قال تعالى فی موضع : (وَلَهُمْ فِیهَا اَزوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ). (البقرة / 25)

وصف الأزواج بکونها (مطهرة) له مفهوم جامع وشامل، فکما یدل التعبیر على نقائها وصفائها من کل النقائص والأقذار الجسمیة والخلقیة، کذلک یشمل أیضاً نزاهتها من العیوب والأدران المعنویة والخُلقیة ، ومن المعلوم أنّ أهم شرط فی اختیار الزوجة هو طهارتها .

إنّ تعبیر (مطهرة) أکثر عمقاً من تعبیر طاهرة (فمطهّرة) تشیر إلى أنّ اللّه سبحانه وتعالى هو الذی طهّرها ومن یطهره الله ویشهد على طهارته تکون حالته واضحة بیّنة .

وجاء نفس هذا المعنى فی هذا الحدیث (أزواج مطهرة من أنواع الأقذار والمکاره)(1).

لقد عبّر القرآن فی عدّة مواضع عن زوجات أهل الجنّة بـ (الحور العین) ، فقال تعالى: (وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُور عِین ). (الدخان / 54)

وورد نفس هذا التعبیر فی الآیة 22 من سورة الطور . وذهب إلى أبعد من ذلک فی قوه تعالى: (وَحُورٌ عِینٌ * کَاَمثَالِ اللُّؤْلُؤِ المَکْنُونِ ).(2) (الواقعة / 22 ـ 23)

وقال تعالى: (حُورٌ مَّقصُورَاتٌ فِى الخِیَامِ ). (الرحمن / 72)

و نقر فی قوله تعالى: (فِیهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ یَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَانٌّ...* کَاَنَّهُنَّ الْیَاقُوتُ وَالْمَرجَانُ ). (الرحمن / 56 ـ 58)

«حور»: جمع (حوراء) و(أحور) ، وعلى قول الکثیر من أرباب اللغة والمفسِّرین (شدة بیاض العین فی شدة سوادها) وهذا غایة جمال العین. ولعل السبب فی ذکر القرآن لجمال العین هو أنّ أکثر جمال الإنسان فی عینیه، ولقد فسّره البعض ببیاض جمیع الجسم لذا تطلق کلمة التحویر على عملیة غسل الملابس وتبییضه . ویمکن الجمع بین المعنیین على أساس اتّصافهما ببیاض الجسم وجمال العیون وسعته .

ومن هذا الباب أیضاً أُطلقت کلمة (الحواریون) على أصحاب السید المسیح(علیه السلام)الذین کانوا یرتدون الملابس البیضاء.

أمّا کلمة «عِین» جمع (أعین) على وزن (أفضل) و«عَیناء» فی الأصل بمعنى العین الوسیعة، وتطلق هذه الکلمة على المرأة التی تمتلک عینین واسعتین جمیلتین وجذّابتین أو الرجل کذلک .

وممّا تجدر الإشارة إلیه أنّ کلمتی «حور» و«عین» تطلق على المذکر والمؤنث أیضاً، لهذا فهی تحمل مفهوماً واسعاً بحیث یشمل جمیع الأزواج فی الجنّة، زوجات للرجال المؤمنین، وأزواج للنساء المؤمنات (سنتکلم عن هذا الموضوع أیضاً فی مکان آخر) .

یلاحظ أنّ القرآن الکریم قد أکّد على جمال العیون ـ وکما أشرنا ـ أنّ جمال الإنسان یکون قبل کل شیء وبعد کل شیء فی عینیه، فالعیون معیار جمال الجسم والروح .

«لؤلؤ»: أی الدر المصون المخزون فی الصدف لم تمسّه الأیدی ، والذی یکون له صفاء ورونقٌ خاصٌّ حین استخراجه من الصدف . وتشبیه «حور العین» بـ (اللؤلؤ المکنون) إشارة إلى لطافتها وجمالها الخارق. ومن الممکن أن یکون إشارة إلى أنّها مستورة بشکل کامل عن أنظار الآخرین، فلا ید مسّتها ولا عین وقعت علیها .

وقال بعض المفسِّرین أیضاً (3): بما أنّ (حور) مشتقة من مادة (حیرة)، فیکون مفهومها هو أنّ الحور العین من الجمال بحیث تتحیر العیون عن النظر إلیه .

وبعدها امتدح اللّه (الحور العین) بقوله : (خیرات حسان) ، أی نساء خیّرات الأخلاق حسان الوجوه ، وذکر صفة اُخرى لهن وهی (مقصورات فی الخیام)، قیل المقصور بمعنى المستور أی مستورات فی القباب، وقیل مصونات محفوظات مخدّرات لا یبتذلن، وقیل مقصورات أی قصرن على أزواجهن فقط دون غیرهم.

وقیل نفس الشیء فی تفسیر قوله تعالى : (قاصرات الطرف)، وذلک لأنّ «طرف» على وزن (حرف) بمعنى (جفن العین)، لأنّها تطرف فینطبق علیها تارة وینفتح تارة ، ویکون المعنى: قصرن طرفهن على أزواجهن لم یرون غیرهم، وهذه أعظم صفة وأکبر امتیاز حیث لاترى أحسن من زوجها، فلیس لها أی علاقة بغیره.

وممّا تجدر الإشارة إلیه أنّ کلمة «الخیمة» فی اللغة العربیة لا تنحصر بالخیمة المصنوعة من القماش ، بل تطلق على کل بنایة مدورة ، حتى قال بعض أرباب اللغة: «کل بنایة بنیت من الحجر و... وغیره هی خیمة، وأنّ الخیمة فی الأصل حسب قول صاحب کتاب مقاییس اللغة بمعنى الإقامة والثبات ».

ویستفاد من الروایات الإسلامیة أنّ خیام الجنّة وحکمها کسائر النعم الإلهیّة الاخرى لا یوجد أی شبه بینها وبین الخیام الدنیویة ،فبعضها قطعٌ من اللؤلؤ .

وجاء فی وصف آخر للحور العین حیث شبههن بالیاقوت والمرجان : (کَأَنَّهُنَّ الیَاقُوتُ وَالمَرجَانُ ). (الرحمن / 58)

أی هنّ على صفاء ولون وتلألؤ الیاقوت وبیاض وجمال المرجان .

ومن المعلوم أنّه إذا امتزج هذان اللونان مع بعضهما یشکلان أحلى الألوان وأجملها.

«یاقوت» : حجر معدنی فی غایة الشفّافیة، وعادة یکون أحمراللون .

«مرجان» : یشبه أغصان النباتات. ویوجد فی البحار، وله ألوان مختلفة ویراد منه هنا اللون الأبیض، وقیل إنّه اللؤلؤ الصغیر، حیث تتصف مثل هذه اللئالی ببیاض وجمال وشفافیة أکثر(4)، ولکن یعتقد العلماء الیوم أنّ (المرجان) موجود حیٌ ویشبه الأغصان الصغیرة للشجرة وینمو فی أعماق البحار، وکان العلماء یعتقدون لفترة طویلة بأنّه نوع من أنواع النباتات ، ولکن اتّضح فیما بعد أنّ له صفات الحیوان رغم أنّه ملتصق بصخور قاع البحر.

وجاء فی سورة الواقعة وصف آخر لهن وهو (أبکار) ثم «عرب».

«أتراب»: قال لله تعالى : (فَجَعَلنَاهُنَّ أَبکَار * عُرُباً اَترَاباً ) . (الواقعة / 36 ـ 37)

«أبکار»: جمع «بکر» أی خلقناهن عذارى کلما آتاهن أزواجهن وجدوهن أبکار ، ویستفاد من بعض الروایات وکلمات المفسِّرین أنّ هذه الحالة حالة دائمیة لا تتغیر .

«عُرُب»: على وزن (کُتُب) جمع (عَروب) على وزن (طَروب) أو (عربا) أی متحننات على أزواجهن متحببات إلیهم ، وقیل عاشقات لأزواجهن ، وقیل العروب اللعوب مع زوجه ، وفی الأصل مأخوذة من مادة (اِعراب) التی تعنى الإظهار، وقد تعنی أنّ لسان حالها یدل على عفتها وطهارته .

وفسّرها البعض أیضاً بمعنى الدلال وهو قریب من المعنى السابق .

ولقد ذکرت کلمة «أتراب» فی ثلاث آیات من القرآن الکریم کوصف للحور العین (5)وهی جمع «تِرْب» على وزن (حزب) بمعنى (المتساویان) فی السن ، وتستخدم فی الجنس المؤنث على الأغلب ، وقیل : إنّها فی الأصل مشتقة من «ترائب» بمعنى اضلاع القفص الصدری: أی متشابهات... وقال البعض إنّها مشتقة من مادة (تُراب) وکأنّهم ولدوا فی وقت واحد ووطؤوا تراب الأرض مع .

على أیّة حال فإنّ التساوی فی السن یمکن أن یکون إشارة إلى تقاربهم ، حیث إنّ الأزواج المتقاربین فی السن یدرکون غالباً أحاسیس ومشاعر بعضهم البعض على نحو أفضل، أو أنّه إشارة إلى تشابههم فی الخلقة والقامة والصورة والسن حتى أصبحوا متشاکلین.

ولکن ذکر هذا الوصف مع بقیة الأوصاف الاُخرى مثل «عرب» و«کواعب» و«قاصرات الطرف» یدلل على أنّ المعنى الأول هو الأنسب.

«کواعب»: لقد ورد هذا الوصف مرّة واحدة فی القرآن الکریم فی سورة النبأ، و(کواعب) جمع (کاعب) بمعنى الفتاة صغیرة السن ، وهی مشتقة من مادة (کعب) والتی تعنی فی الأصل بروز ظاهر القدم ، واستعملت هنا للإشارة إلى الفتیات الصغیرات السن اللاتی أشرفت أثداؤُهُنَّ على البروز، ولقد ورد کذلک أنّ الکواعب إشارة إلى مرحلة البلوغ الجسمی حیث یبدأ الجسم بالنمو السریع فی هذه المرحلة .

وبهذا الشکل فإنّ الحور العین یتّصفن بجمیع الصفات والمحاسن وحسن الظاهر والباطن والفضائل الجسمانیة والروحانیة والأخلاقیة ، وبذلک یتّصفن بکل ما هو حسن .

ونکرر مرّة اُخرى ونقول: إنّ کل ذلک إشارات لحقائق مادیة ومعنویة علیا للعالم الآخر ولا یمکن إدراک تفاصیله .


1. تفسیر المیزان ، ج 1 ذیل الآیة 25 من سورة البقرة وهکذا ذکرها المرحوم العلاّمة المجلسی فی بحار الأنوار، ج 8، ص 140.
2. هناک احتمالات عدیدة فی محل اعراب «حور عین» ، ومن جملتها مبتدأ لخبر محذوف تقدیره (لهم حور عین)، أو عطف على (ولدان مخلدون...) والاحتمال الأول هو الأرجح وذلک لأنّ الحور العین لیست للخدمة.
3. أبو الفتوح الرازی فی تفسیره. نقل ذلک عن بعض المفسرین القدماء (تفسیر روح الجنان، ج 11، ص13).
4. ذکر هذا المعنى الراغب فی (مفرداته) ومجموعة من أهل اللغة والتفسیر.
5. سورة النبأ، 33 ; ص ، 52 ; الواقعة ، 37 .

 

10 ـ حلی الجنّة 12 ـ الخدم والسقاة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma