إنّ المکتوب على باب کل بنایة یعکس عادة المحتوى والهدف الحقیقی لتلک البنایة، ویتبیّن من الروایات الإسلامیة وجود کتابات على أبواب الجنّة تستوجب التأمل ، وأنّ التمعّن فی مدلولات تلک الروایات یضفی عمقاً أبعد على ما ذکرناه آنفاً بشأن معانی أبواب الجنّة ویستخلص منها حقائق أکثر سعة وأهمیّة .
من جملة ذلک الحدیث الوارد عن جابر بن عبد الله نقلاً عن النبی (صلى الله علیه وآله) : « مکتوب على باب الجنّة لا إله إلاّ الله محمد رسول الله ، علی أخو رسول الله » (1).ونظراً لکون الحدیث أعلاه مذکوراً فی الکثیر من کتب الشیعة والسنّة وبعبارات متباینة، فهو یبیّن مدى أهمیّة هذه الأسس الثلاثة فی دین الإسلام .قال الإمام الصادق (علیه السلام) فی حدیث له : « على باب الجنّة مکتوب الصدقة بعشرة والقرض بثمانیة عشر » (2) . فیشیر هذا الحدیث إلى أنّ أحد المبادیء الأساسیة لدخول الجنّة، هو الاهتمام بالمشاکل المالیة للفقراء والمساکین فی المجتمع وتقدیم العون لهم .وأخیراً جاء فی حدیث آخر شرحٌ لما جرى فی المعراج ومشاهدة الجنّة والنّار فی ذلک السفر ، فورد فیه أنّ النبی (صلى الله علیه وآله) قال : «للجنة ثمانیة أبواب ... على کل باب منها أربع کلمات کل کلمة خیر من الدنیا وما فیها لمن یعلم ویعمل بها وللنار سبعة أبواب على کل باب منها ثلاث کلمات کل کلمة خیر من الدنیا وما فیها لمن یعلم ویعمل بها فقال لی جبرئیل : اقرء یامحمد علیّ ما على الأبواب فقرأت ذلک ; أما أبواب الجنّة فعلى أول باب منها مکتوب : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله علی ولی الله لکل شیء حیلة وحیلة العیش أربع خصال : القناعة ، وبذل الحق ، وترک الحقد ، ومجالسة أهل الخیر ، وعلى الباب الثانی مکتوب : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله علی ولی الله لکل شیء حیلة وحیلة السرور فی الآخرة أربع خصال مسح رؤوس الیتامى والتعطف على الأرامل والسعی فی حوائج المؤمنین والتفقد للفقراء والمساکین ، وعلى الباب الثالث مکتوب : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله علی ولی الله لکل شیء حیلة وحیلة الصعبة فی الدنیا أربع خصال قلة الکلام وقلة المنام وقلة المشی وقلة الطعام ، وعلى الباب الرابع مکتوب : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله علی ولی الله من کان یؤمن بالله والیوم الآخر فلیکرم ضیفه من کان یؤمن بالله والیوم الآخر فلیکرم جاره من کان یؤمن بالله والیوم الآخر فلیکرم والدیه من کان یؤمن بالله والیوم الآخر فلیقل خیراً أو یسکت، وعلى الباب الخامس مکتوب : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله علی ولی الله، من أراد أن لا یُظلم فلا یظلِم ومن أراد أن لا یُشْتَتم فلا یَشتِتم ومن أراد أن لا یُذَل فلا یذِل ومن أراد أن یتمسک بالعروة الوثقى فی الدنیا والآخرة فلیقل لا إله إلاّ الله محمد رسول الله علی ولی الله، وعلى الباب السادس مکتوب : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله علی ولی الله من أراد أن یکون قبره وسیعاً فسیحاً فلیبنِ المساجد ومن أراد أن لا تأکله الدیدان تحت الأرض فلیسکن المساجد ومن أحب أن یکون طریاً مطرّاً لا یبلی فلیکنس المساجد ومن أحب أن یرى موضعه فی الجنّة فلیفرش المساجد بالبسط ، وعلى الباب السابع مکتوب : لا إله إلاّ الله ، محمد رسول الله ، علی ولی الله ، بیاض القلب فی أربع خصال : عیادة المریض ، واتباع الجنائز ، وشراء الأکفان ، وردّ القرض، وعلى الباب الثامن مکتوب : لا إله إلاّ الله ، محمد رسول الله ، علی ولی الله ، من أراد الدخول من هذه الأبواب فلیتمسک بأربع خصال : السخاء ، وحسن الخلق ، والصدقة ، والکف عن أذى عباد الله تعالى» (3).
إنّ الأبعاد التربویة والإنسانیة لهذا الحدیث شاملة وواضحة ، وتبیّن أنّ دخول جنان الخلد رهین بأیِّ أعمال وصفات .