ریاح مهلکه ، وظلال محرقة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء السادس)
تمهیدزنزانات جهنّم الانفرادیة

قَسَّمت الآیة الأولى الناس إلى ثلاث فئات وهی : فئة « المقربین » و« أصحاب الیمین » و « أصحاب الشمال » . ثم قالت عن أصحاب الشمال ( وهم الذین یتسلمون کتبهم بید بشمائلهم دلالة على سوء عملهم ) إنّهم : (فِى سَمُوم وَحَمِیم * وَظِلٍّ مِّن یَحمُوم* لاَّ بارِد وَلاَ کَرِیم ) .وفی الحقیقة أنّ النّار کالجنّة فیها ماء وهواء ونسیم وظل ، ولکن یاله من نسیم ، فقد سمّاه القرآن ب « السموم » .« السموم »: مأخوذة عن کلمة ( السم ) وتعنی الهواء اللافح من شدّة حرارته الذی یدخل المسام ( الفتحات الدقیقة على جلد الإنسان ) ویسبب هلاکه .( وقد سمّیت کلمة « السَم » بهذا الاسم لأنّها تنفذ إلى جمیع دقائق وثغرات الجسم ، لأنّ السَمَّ على قول الراغب یعنی أی فتحة دقیقة کفتحة الأبرة وفتحة الأنف والأُذن ) (1).ویوجد لدیهم ماء أیضاً إلاّ أنّه حار وقاتل ، ولدیهم ظل إلاّ أنّه من دخان أسود کثیف وحار !

حین یتعرض الإنسان للحرارة الشدیدة فی هذه الدنی ، فإمّا أن یجعل نفسه عرضة لمهب النسیم أو یدخل فی الماء أو یلتجیءُ إلى الظل ، وهذه الثلاثة کلها حارة وقاتلة هناک على العکس من الجنّة التی تکون أماکنها الواحدة أبرد من الأُخرى وأکثر إثارة للبهجة والارتیاح .

وأشارت الآیة الثانیة إلى واحدة أُخرى من العقوبات الصارمة للکفرة، فقالت : (إِنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا بِآیَاتِنَا سَوفَ نُصْلِیهِمْ نَاراً ) (2).

ثم تضیف :(کُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلنَاهُمْ جُلُوداً غَیرَهَا لِیَذُوقُوا العَذَابَ إِنَّ اللهَ کَانَ عَزِیزاً حَکِیماً ) .والجملة الأخیرة هی فی الحقیقة إجابة عن هذا السؤال : هل أنّ عذاباً کهذا ممکن ؟ وإن کان ممکناً فهل هو عادل ؟ ! القرآن یقول : إنّ هذا على الله یسیر ولا یتعارض مع حکمته أیض .وعُرِض بین المفسرین سؤال معروف وهو : إذا تبدّلت هذه الجلود بجلود أُخرى، فما ذنب هذه الجلود الجدیدة حتّى تتعذب ؟طرح المفسرون الکبار اجابات متعددة عن هذا السؤال وأفضلها هو جواب الإمام الصادق (علیه السلام) حین أجابَ عن السؤال الذی طرحه « ابن أبی العوجاء » بعد قراءة هذه الآیة : « ماذنب الغیر » ؟فأجاب الإمام (علیه السلام) جواباً غنیّاً ومقتضب : « هی هی وهی غیره » .قال: فمثل لی فی ذلک شیئاً من أمر الدنیا قال : «نعم أرأیت لو أنّ رجلاً أخذ لبنة فکسرها ثم ردّها فی ملبنها فهی هی وهی غیرها» (3) .

ووفقاً لهذه الروایة ،فإنّ جلوداً جدیدة ستنشأ من الجلود الأُولى فتتغیّر الصورة مع الحفاظ على وحدة المادّة .وقال جماعة أیضاً: إن کانت الصورة والمادة غیر الصورة والمادّة للجلود السابقة عندئذ لا تحصل أیّة مشکلة لأنّ عذاب القیامة تذوقه الروح لا الجلد ، ورأوا أنّ التعبیر ب « لیذوقوا العذاب » دلیل على صحة هذا القول . ولهذا السبب کثیراً ما یحصل ویرتکب الإنسان ذنباً بعضو فینزل العقاب على عضو آخر، کأن یشرب الخمر مثلاً فیضرب ثمانین سوطاً على ظهره، فیکون هذا فی مقابل ذاک وایذاء الجسم وسیلة لایذاء الروح .

وفی الآیة الثالثة إشارة إلى جزاء طائفة أُخرى من المسیئین من الذین کانوا یکنزون الذهب والفضة والدراهم والدنانیر ولا یؤدّون ما علیها من حقوق شرعیة فتقول الآیة الشریفة : (وَالَّذینَ یَکْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ وَلاَ یُنفِقُونَهَا فِى سَبِیلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَاب أَلِیم ) .ثم تشیر الآیة إلى جانب من هذا « العذاب الألیم » وتُضیف :(یَومَ یُحمَى عَلَیهَا فِى نَارِ جَهَنَّمَ فَتُکوَى بِهَا جِبَاهُهُم وَجُنُوبُهُم وَظُهُورُهُم )، ویقال لهم حینه :(هَذَا مَا کَنَزتُم لاَِنْفُسِکُم فَذُوقُوا مَاکُنْتُم تَکْنِزُونَ ) .یُعطی هذا التعبیر إجابة عن سؤال مهم بخصوص الآیات المتعلّقة بالعذاب الإلهی الشدید یوم القیامة ، وهو أنّ هذا الجزاء یُعتبر ثمرة لأعمال العباد ونتیجة فعلهم تتجسد لهم یوم القیامة على هذه الشاکلة ، فهم فی الحقیقة یذوقون أفعالهم تماماً کالشخص الذی یسرف عدّة أیّام فی تناول الخمر فیقع فریسة لأمراض مؤلمة وشدیدة ویبقى یعانی منها طوال حیاته .

 

تمهیدزنزانات جهنّم الانفرادیة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma