قد یُتصور أحیاناً أنّ الشفیع یحول دون تحقق إرادة الحاکم العادل ، ویُنقذ من العقوبة الشخص الذی ینوی ذلک الحاکم معاقبته ، إلاّ أنّ هذا الکلام لا یصدق بحق الله جلّت عظمته .
فهذا التصّور الخاطىء ناتج من اعتبار الشفاعة التی یصورها القرآن مماثلة للشفاعة المتعارفة بین یدی الجبّارین والحکام الظالمین، فالأشخاص المتنفّذین عند هؤلاء الحکام یحاولون استنقاذ المذنبین الذین یرتبطون معهم بصلة م ، خلافاً للاصول المرعّیة ، فیضطر الحاکم أو السلطان إلى النزول عند رغبة هؤلاء المتنفذین لحاجته إلیهم ـ وقبول شفاعتهم والتغاضی عن معاقبة المذنب وقد تکون خلافاً لرغبته أحیان .
إلاّ أنّ هذه المسائل وکما قلنا سابقاً لا تصدق على الله تعالى ولاتنطبق على الشفاعة بین یدیه ، فالشفاعة هناک لها طابع آخر ، فأولیاء الله یطلبون الشفاعة بإذن الله لمن لدیهم ذنوب لکنها لیست کبیرة، ولدیهم فی مقابل تلک الذنوب أعمال صالحة أیض ، وطرح هذا الموضوع یُعتبر فی الحقیقة تربیة للنفوس وتطهیراً له .