وهذا أیضاً واحد من الإشکالات التی طرحت على الشفاعة، فالذی یتبادر إلى الأذهان أنَّ الشفاعة یمکن تطبیقها على العقوبات التشریعیة والوضعیة فقط، فیکون الشفیع سبباً لایقاف تنفیذ الحکم على المشفوع له ، ولکن عندما نعتقد بأنّ عقوبات القیامة هی فی الغالب من الآثار الوضعیة والطبیعیة للأعمال وهی بذلک تشبه فعل السم فی قتل الإنسان ، فهذا الأثر لیس بالشیء الذی یمکن تغییره بالشفاعة .
الجواب : لو أننا لاحظنا ماذکرناه سابقاً فی کون الشفاعة على نوعین تکوینیة وتشریعیة ، لاتّضح لنا جواب هذا السؤال جلی ، لأنّ العقوبات إن کان لها بُعد تکوینی، فإنّ وقوف أولیاء الله باعتبارهم کیانات أقوى وأفضل إلى جانب المشفوع له وکمال استعداده الناقص بواسطة إمدادهم المعنوی ، فیتغلبون بالنتیجة على الآثار التکوینیّة للذنب ، مثلما تُنمّی الشمس النباتات ذات الاستعداد للنمو وتنقذها من الآفات . أمّا إذا کانت تلک العقوبات وضعیة ، فَتُطلَبُ الشفاعة من الله تعالى لیغفر لمن یستحق غفران الذنب وفی جمیع الأحوال فإنّ المقام المعنوی للشفیع یکون سبباً فی تأثیر تلک الشفاعة بإذن الله .
ویمکن تکرار نفس هذا الکلام بخصوص تجسّد الأعمال لأنّه شبیه أیضاً بالآثار الوضعیة والتکوینیّة للعمل (فتأمل) .