کیف یمکن لعدد من المذنبین المتشابهین مع بعضهم فی الذنوب ، أن تنجو طائفة من العذاب الإلهی بالشفاعة ، وتقع الاُخرى فی مخالب ذلک العذاب ؟ ألا یُعتبر هذا التمییز منافیاً لعدل الله ؟
السؤال: وقد یطرح هذا التساؤل أحیاناً بضیغة اُخرى ; فیقال : إن کان العقاب الرّبانی للمذنبین عدل : إذن فطلب أولیاء الله الشفاعة هو خلاف للعدل ، وإن لم یکن متسقاً مع مبدأ العدل ، فینبغی أن لا تجرى تلک العقوبة من الأساس.
والجواب : عن هذا الاستفهام یمکن استخلاصه من بین طیات البحوث السابقة ، وکما یلى.
أول : إنّ الشفاعة لا تتحقق بدون الأرضیة المناسبة . فکل من یستحقها ینالها وکل من لا یستحقها فهو مُستبعد عنه ، وعلى هذا لا یوجد فیها أی تمییز .
ثانی : إنّ مجازاة المذنب هی عین العدل ، أمّا قبول الشفاعة فهو نوع من التفضل لأجل ما یمتاز به المشفوع له من أرضیة صالحة من جهة ، وتکریماً واحتراماً للشفیع وما قام به من عمل صالح من جهة اُخرى .