سؤال : هل أنّ مرتکبی الکبائر مخلدون فی النّار ؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء السادس)
النتیجة اعتراضات على خلود العذاب

هناک فرقة إسلامیة تُعرف بـ «الوعیدیة» (وهی من فرق الخوارج) تعتبر أی ذنب من الکبائر موجباً للکفر وتعتقد أنّ مرتکبه یخلد فی النّار ، ویقف فی مقابل هذه الفرقة «المرجئة» الذین یقولون: إنَّ الإیمان لا تضر معه المعصیة (إحداهما تتصف بالافراط والاُخرى بالتفریط ! ) .

قال العلاّمة الحلی (رحمه الله) فی (شرح التجرید) بعد أن نقل إجماع واتّفاق المسلمین على العذاب الأبدی للکفّار : «یختلف المسلمون فی مرتکبی الکبیرة ، فالوعیدیة یعتبرونهم کالکفّار ، لکن الشیعة وکثیر من المعتزلة یعتقدون بأنّ عذابهم له نهایة ، ثم أقام الأدلة التی تثبت هذا المعنى ».

یقول الشیخ المفید(رحمه الله) فی «أوائل المقالات» :

«اتفقت الإمامیة على أنّ الوعید بالخلود فی النّار متوجه إلى الکفّار خاصة دون مرتکبی الذنوب من أهل المعرفة بالله تعالى والاقرار بفرائضه من أهل الصلاة ، ووافقهم على هذا القول کافة المرجئة وأصحاب الحدیث قاطبة ، واجمعت المعتزلة على خلاف ذلک وزعموا أنّ الوعید بالخلود فی النّار عامّ فی الکفّار وجمیع الفساق»(1) .

ویستدل هذا الفریق ببعض الآیات القرآنیة لإثبات رأیه ، وبالخصوص تلک الآیات القائلة بخلود مرتکبی القتل العمد وآکلی الربا فی نار جهنّم وأمثالها من الآیات ، ومن أوسع تلک الأدلّة شیوعاً هی ما ورد فی من سورة الجن والتی مَرّ علینا تفسیرها مسبقاً وهی : (وَمن یَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فِاِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِینَ فِیهَا أَبَداً ) . (الجن / 23)

ولکن هناک قرائن کثیرة فی هذه الآیات وفی غیرها تدل على أنّها (هذه الآیات) تختص بأولئک الذین تنتهی بهم ذنوبهم إلى الکفر وانکار المعاد أو النبوّة أو ضرورة من ضرورات الدین ، ومن جملة تلک القرائن الآیة : (کَأَنَّمَا اُغْشِیَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِّنَ الَّیْلِ مُظلِماً ). (یونس / 27)

وبالنظر إلى أنّ هذا الوصف قد ورد فی القرآن هنا بحق الکفّار ، حیث یقول تعالى : (وَ وُجُوهُ یَوْمَئِذ عَلَیْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ * اُولَئِکَ هُمُ الکَفَرَةُ الفَجَرَةُ ). (عبس / 40 42)

فهذا دلیل على أنّ المقصود فی الآیة موضع بحثنا هم الکفّار أیض .

ولهذا جاء فی الروایة عن الإمام الباقر (علیه السلام) أنّه قال : «هؤلاء أهل البدع والشبهات والشهوات یسوِّد الله وجوههم ثم یلقونه، یقول الله : (کَأَنَّمَا اُغشِیَت وُجُوهُهُم قِطَعاً مِّنَ الَّیْلِ مُظلِماً ) ، یسود الله وجوههم یوم القیامة ویلبسهم الذل والصغار، یقول الله سبحانه وتعالى: (اُولَئِکَ اَصحَابُ النَّارِ هُم فِیهَا خَالِدُونَ )»(2) .

والقرینة الأخرى هی عبارة ( أحَاطَتْ بِهِ خَطِیئتُهُ ) الواردة فی الآیة 81 من سورة البقرة والتی تشیر إلى أنّ ارتکاب الذنب الکبیر وحده لایؤدّی إلى الخلود فی النّار ، بل إنّ إحاطة الذنب بکل وجود الإنسان هی السبب فی طرح مثل هذا الموضوع لأنّها تسوقه نحو الکفر ، والسبب فی ذلک کما تفید الروایات ـ أنّ الإیمان یظهر فی القلب على هیئة نقطة مضیئة ، وکلما ازدادت أعمال الخیر التی یؤدّیها کلما اتسعت تلک النقطة حتّى تحیط بقلبه کله ، وکلما ارتکب ذنوباً ومعاصیَ کلّما خیم الظلام على قلبه حتى یحیط بقلبه کله ویجعله قلباً أسوداً (ینطفیء فیه نور الإیمان) لاسیما وأنّ بعض الروایات تستدل بقوله تعالى : (کَلاَّ بَل رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا کَانُوا یَکسِبُونَ )(3). (المطففین / 14)

وبعض تلک الآیات تؤکّد تعمّد الذنب (کآیة القتل)، ولعل المراد منها هو مخالفة امر الله ومخالفة الحق ، وهذا من أوضح مصادیق الکفر .

والاشتشهاد الآخر هو الوارد فی قوله تعالى: (ثُمَّ کَانَ عَاقِبَةَ الَّذِینَ أَسَاؤُا السُّوأَى اَنْ کَذَّبُوا بِآیَاتِ اللهِ وَکَانُوا بِهَا یَسْتَهزِئُونَ ) . (الروم / 10)

یُظهر هذا التعبیر أنّ الاصرار على الذنب والاستمرار علیه یؤدّی بالنتیجة إلى الکفر وتکذیب آیات الله وهو مایؤدّی إلى الخلود فی النّار .

إضافة إلى کل هذا، فإنّ الآیة: (اِنَّ اللهَ لاَ یَغْفِرُ اَنْ یُشْرَکَ بِهِ وَیَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِکَ لِمَن یَشَاءُ )والتی تکررت مرّتین فی سورة النساء 48 و 116، هی دلیل آخر واضح على هذه الحقیقة وهی أنّ المشرکین (الکفر بأنواعه أیضاً ملحق بالشرک) لایُغفر لهم ویخلدون فی جهنّم ، وأنّ المجرمین الآخرین یمکن أن یُغفر لهم، وهذا مایدل على أنّ حسابهم یختلف عن حساب الکفّار ولا یمکن أن یُعدّوا ضمن صنف واحد .

لا یتوهم أحد أنّ هذه الآیة تعطی الضوء الأخضر للمجرمین، لأنّه لم یصدر وعد قطعی بالعفو عنهم بل هو وعد احتمالی مرتبط بمشیئة الله ، ولما کانت مشیئة الله وإرادته مرتهنة بحکمته ، وحکمته تقتضی أن تکون هذه المقوّمات کلها معاییر للعفو ، اذن، فالحال یوجب على المجرمین عدم قطع علاقاتهم بالله وأولیائه والإبقاء على جسور العودة قائمة .

ورد فی الروایات أنّ هذه الآیة هی أکثر الآیات التی تبعث الأمل والرجاء فی النفوس ، کم جاء عن أمیرالمؤمنین علی(علیه السلام) أنّه قال: «ما فی القرآن آیة أرجى عندی من هذه الآیة»(4).

ولطرح مزید من التوضیح ، ینبغی الالتفات إلى أنّ الآیة المذکورة لا تشمل مرتکب الصغائر طبعاً لأنّ القرآن قد وعد بغفران الذنوب الصغیرة لمن یتورّع عن اجتناب الکبائر منه ، وهی أیضاً لا تشمل الذنوب الکبیرة بعد التوبة لأنّ التوبة سببٌ لغفران جمیع الذنوب حتى الشرک ، وعلى هذا فالمفهوم الوحید المتبقی لهذه الآیة هو أنّها میّزت بین الشرک وارتکاب الذنوب الکبیرة ، فالأول لا یغفر لأنّ وجود الشرک یقضی على جمیع مقوّمات العفو ، أمّا الثانی فالعفو فیه محتمل ولکن بشروط اشیر إلیها فی جملة «لمن یشاء» .

والشاهد الآخر على هذا الادّعاء هو الآیات القرآنیة العدیدة، ومنها هذه الآیة: (فَسَتَذْکُرُونَ مَااَقُولُ لَکُم وَأُفَوِّضُ اَمرِى إِلَى اللهِ اِنَّ اللهَ بَصِیرٌ بِالعِبَادِ ). (المؤمن / 44) وهذه الآیة:(فَمَن یَعمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّة خَیراً یَرَهُ ). (الزلزال / 7)

کذلک آیات الشفاعة، لأنّ الصغائر تُمحى فی ظل اجتناب الکبائر ، والکبائر أیضاً یُعفى عنها بالتوبة ، واستناداً إلى ماذُکر، فالشفاعة تختص فقط بمرتکبی الکبائر الذین لم یتوبوا فإن کانوا یستحقّون الشفاعة یُعفى عنهم .

فإن کان الحال کذلک ، فکیف نعتبر مرتکبی الکبائر کالکُفّار والمشرکین ونقول بخلودهم فی النّار ؟

کیف یمکن أن تقضی الحکمة الإلهیة بتخلید إنسان فی النّار قضى عمراً فی الإیمان والعمل الصالح لارتکابه ذنباً کبیراً کأن یکون کذب لمرّة واحدة فی حیاته؟

نحن لا نقول هنا بعدم عقابه بل نرى أنّ عذاب الخلد لا ینطبق على مثل هذا الشخص .

هناک روایات کثیرة وردت عن المعصومین (علیهم السلام) تنفی قول «الوعیدیة» بتخلید مرتکبی الکبیرة فی النّار (5) .

والحقیقة أنّ هذه الفرقة المتطرفة من الخوارج قد انحدرت فی هذا الوادی السحیق بسبب التعصب والعناد وعدم الإلمام بآیات القرآن وأحادیث النبی (صلى الله علیه وآله) والمعصومین (علیهم السلام) ، وعدم الأخذ بالأدلّة العقلیة البیّنة ، والخوارج بشکل عام قد ابتلوا بعواقب جهلهم وتعصبهم، وماضیهم فی التاریخ الإسلامی أفضل دلیل على ذلک (6) .


1. أوائل المقالات، ص 53.
2. تفسیر علی بن إبراهیم، ج 1، ص 311 .
3. اصول الکافی، ج 2، ص 273 ، باب الذنوب، ح 20 .
4. لمزید من الایضاح راجع التفسیر الأمثل، ذیل الآیة 48 من سورة النساء.
5. للاطلاع على ایضاحات أکثر یمکن مراجعة کتاب بحار الأنوار، ج 8، ص 351 ـ 376، الباب 27 ; وتفسیر الکبیر، ج 3، ص 144 وما بعده .
6. المصدر السابق.

 

النتیجة اعتراضات على خلود العذاب
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma