النقاط الخاطئة فی هذا الاستدلال :

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء السادس)
ز) ألا تتعارض الشفاعة مع التوحید ؟تمهید :

1 ـ إنّ الآیات الاثنتی عشرة التی أوردناها فی بدایة البحث بشأن موضوع الشفاعة وفسّرنا مفهومها تثبت لنا هذه الحقیقة وهی أنّ الشفاعة مبدأ إسلامی وقرآنی بدیهی إلاّ أنّها تضّمنت شروطاً للشفیع وللمشفوع له ، وعلى هذا فلا یمکن لأحد أن یتحدث باسم الإسلام والقرآن وینکر هذا المبدأ بجمیع دلائله البیّنة ، وإننا لنعجب کیف أنّهم یعتبرون أنفسهم مسلمین وینکرون هذا المبدأ الذی یُعَدُّ من ضرورات الإسلام والقرآن ، فهل ینکر المُسلم ضرورات الإسلام وأحکام القرآن ؟

2 ـ إنّ الشفاعة التی ذکرها القرآن وذبَّ عنه ، شفاعة یرتبط خطّها الأصیل بـ «إذن الله» وما لم یأذن بالشفاعة فلا یحق لشفیع أن یشفع ، وبتعبیر آخر فإنّ هذه الشفاعة صادرة من الأعلى ومشروطة بإذن الله ، وهی لیست کشفاعة حاشیة السلاطین الجائرین ، فهی صادرة من الأسفل وقائمة على أساس العلاقات الشخصیة .

إنّ شفاعةً کهذه تُعّد تأکیداً لمسألة التوحید لأنّ خطّها الاصلی یصدر عن الله تعالى وهذا هو التوحید البعید عن أی لون من ألوان الشرک ، لکن الوهابیین الذین تشابهت علیهم الشفاعة القرآنیة مع الشفاعة الشیطانیة لحواشی السلاطین انکروا هذا المبدأ واعتبروه مضادّاً لأصل التوحید ، وفی الحقیقة أنّهم قد اعترضوا على أوهامهم فی هذا الطرح ، لا على مبدأ الشفاعة القرآنیة .

3 ـ الشفاعة فی حقیقتها سبب للنجاة : کما هو الاعتقاد بوجود الأسباب فی عالم الخلقة والتکوین (کتأثیر أشعة الشمس وتساقط المطر فی نمو الأعشاب) لا یتنافى مطلقاً مع مبدأ التوحید ، لأنّ تأثیر هذه الأسباب یتحقق بإذن الله وأمره ، وفی الحقیقة أنّ عملها هو نوع من الشفاعة التکوینیة ، کما أنّ وجود مثل هذه الأسباب فی عالم الشریعة للمغفرة والنجاة بأنّ الله لا یتعارض مع التوحید بل هو تأکید له ، وهذا هو ما نطلق علیه اسم الشفاعة التشریعیة .

4 ـ إنّ الشفاعة التی یرفُضها القرآن فی عبادة الأصنام هی أنّهم کانوا یجعلون کثیراً من الأشیاء الخالیة من أیّة میزة أو خاصیة شفیعة لهم إلى الله ؟ ولذا صَرّح الآیة التی یستندون علیها بالخصوص : (وَیَعبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ مَالاَ یَضَرُّهُم وَلاَیَنفَعُهُم وَیَقُولُونَ هَؤُلاَءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللهِ ). (یونس / 18)

هذا من جهة ; ومن المؤکد أنّ هذا لا علاقة له بشفاعة الأنبیاء والأولیاء ، فهذا الکلام یخص الأصنام وهی الأحجار المجرّدة من أی عقل وأحاسیس .

ومن جهة اُخرى ، فالقرآن یذم الشفاعة القائمة على أساس الاعتقاد باستقلال الشفیع ، وتأثیره فی مصیر الناس بلا اِذن من الله ، ولذا جاءت فی سورة الزمر آیة وهی من الآیات التی یستندون إلیه : (وَالَّذِینَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَولِیَاءَ مَانَعْبُدهُمْ إِلاَّ لِیُقَرِّبُونَا اِلَى اللهِ زُلْفَى إنَّ اللهَ یَحْکُمُ بَینَهُمْ فِى مَا هُم فِیهِ یَختَلِفُونَ ) . (الزمر / 3)

ووفقاً لهذه الآیة فانّهم کانوا یعتبرون من یعبدون من دون الله أولیاء ، وقیِّمین وحماة وحافظین لهم ، فکانوا یعبدونهم ، وکلا هذین الفعلین (اعتبارهم أولیاء وعبادتهم) شرک .

أمّا إذا لم یعبد أولیاء الله وأنبیاء وملائکته ، بل یحترمهم ویکرّمهم ویرى فیهم أنّهم شفعاء له بین یدی الله وبأذنه ، فهو غیر مشمول بهذه الآیة قطع .

وبسبب عدم احاطة الوهابیین بالآیات القرآنیة الواردة بخصوص الشفاعة ، ومسألة الکفر والإیمان والشروط التی حدَّدها الله للشفیع والمشفوع له ، فقد اشتبهت علیهم هذه المسألة مع ما کان یعتقد به عبدة الاوثان ، وبهذه الشاکلة التَبَسَتْ علیهم الحقیقة .

5 ـ أمّا قول الوهابیین إنّ عبدة الأوثان العرب کانوا یعتقدون بأنّ کلَّ شیء بما فیه المالکیة والرازقیة لله تعالى ، وکانت مشکلتهم تتمثل فقط فی شفاعة ووساطة الأوثان ، فهو خطأ آخر من أخطائهم الناتجة عن فقرهم العلمی والثقافی وعدم المامهم بالآیات القرآنیة . وذلک لأنّهم أی عبدة الأصنام ـ کانوا ینسبون بعض هذه الصفات للاصنام کما یفهم هذا المعنى من الآیات الشریفة ومن جملتها: (فَاِذَا رَکِبُوا فِى الفُلْکِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِینَ لَهُ الدِّینَ فَلَمَّا نَجَّاهُم اِلَى الْبَرِّ اِذَا هُم یُشرِکُونَ ) . (العنکبوت / 65)

یتبیَّن من هذا التعبیر أنّهم کانوا فی الأوضاع العادیة یتوسلون بالأصنام لحل مشاکلهم ، وفی الشدائد یتعلّقون بالله فقط .

وکذلک ما فیها أمر للنبی (صلى الله علیه وآله) : (قُل أَرَأَیْتُمْ شُرکَاءَکُمُ الَّذِینَ تَدعُونَ مِن دُونِ اللهِ أَرُونِى مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرضِ أَم لَهُمْ شِرکٌ فِى السَّموَاتِ ) . (فاطر / 40)

لو کان المشرکون یعتقدون بتفرد الله فی الخالقیة وینظرون إلى الأصنام نظرة الشفیع فلا معنى لهذا السؤال ، لأنّهم سیقولون فی الجواب : إننا لا نعتبرهم خالقین ، ونعدّهم واسطة فقط بین الخالق والمخلوق ، وهل یجب فی الواسطة أن یکون خالقاً أو شریکاً فی الخلق ؟

و هذا یکشف بوضوح أنّ عبدة الأصنام قد جعلوا من أصنامهم بشکل من الأشکال أنداداً وشرکاء لله سبحانه وتعالى، وأنّ الرسول(صلى الله علیه وآله) مأمور بکشف وفضح أکاذیبهم بأنّ یسألهم ماذا خلقو ؟

وتبیّن الآیة 111 من سورة الاسراء انّهم کانوا یظنّون أنّ أصنامهم أنداداً لله فی المالکیة والحاکمیة على العالم ، وحتى أنّهم کانوا یعتقدون أنّ الأصنام تعین الله فی بعض المشاکل : (وَقُلِ الْحَمْدُ للهِِ الَّذِى لَم یَتَّخِذ وَلَداً وَلَم یَکُن لَّهُ شَرِیکٌ فِى المُلکِ وَلَم یَکُن لَّهُ وَلِىٌّ مِّنَ الذُّلِّ وَکَبِّرهُ تَکبِیراً ) .

تمثل کل واحد من هذه الجمل الثلاث نفیاً لمعتقدات عبدة الأوثان ، الذین کانوا یظنون أنَّ : (الملائکة بنات الله) ، (یرجى الالتفات إلى کلمة الولد تعنی کلا المعنیین البنت والولد أی الذکر والانثى) (1) وأنّهم شرکاء له فی الخلق وأنّهم اعوانه وأولیاؤه .

ومن الواضح أنّ هذه المعتقدات لو لم یکن لها وجود فی تلک البیئة ، لما کان لهذه التعابیر القرآنیة أیُّ مفهوم.

وممّا یسترعی الإنتباه أنّ القرآن الکریم وصف عبدة الأوثان بـ «المشرکین» واعتبر عملهم «شِرکاً» ، فلو لم یکونوا یعتقدون بنوع من الشِّرکة بین الله والأصنام وکانوا یحسبونها شافعة فقط بین یدی الله ، إذ لما کان هذا التعبیر صحیحاً بشأنه ، لأنّ کلمة «الشرک والمشرک» دالتان على أنّهم کانوا یعتبرون الأصنام شرکاء لله فی الربوبیّة ، وحل المشاکل والخلقة وأمثال ذلک ، «کانت الأصنام الحجریة والخشبیة فی عقیدتهم رمزاً ومظهراً للصالحین والملائکة) .

وبعبارة اُخرى کانوا یقولون: إنّ للأصنام نوعاً من الاستقلال فی تدبیر شؤون العالم ، وبتعبیرهم کانوا یعتبرونها أنداداً لله ، لا مجّرد وسطاء بین یدیه .

والتعابیر الواردة فی الآیات القرآنیة المختلفة تکشف لنا عن هذا الموضوع بکل وضوح ، جاء مثلاً فی قوله تعالى: (وَمَا لَکُم مِّن دُونِ اللهِ مِن وَلِىّ وَلاَ نَصِیر ) . (العنکبوت / 22)

وهذه إشارة لاعتقاد المشرکین بأنّ الأصنام أولیاؤهم وأنصارهم (من دون الله) ، کما تُصرح بذلک هذه الآیة: (وَلاَ یُغْنِى عَنهُمْ مَّا کَسَبُوا شَیْئاً وَلاَ مَااتَّخَذُوا مِن دُونِ اللهِ اَولِیَاءَ ) . (الجاثیة / 10)

تکرر فی القرآن الکریم تعبیر «من دون الله» فی وصف معتقدات المشرکین وهذا دلیل على أنّهم کانوا یتخذون موجودات من دون الله لتکون لهم انصار أو أولیاء ، وهذا شرک فی الربوبیة ولیس بشفاعة.

وخلاصة القول أنّ القرآن الکریم قد أورد فی آیاته المختلفة اعتراضین رئیسیین على المشرکین ، وهما أول : إنّهم اعتبروا هذه الکائنات الفاقدة للحس وللسمع والبصر مصدراً مؤثراً.

وثانیاً: إنّهم یرون فیها أنداداً لله فی التدبیر والربوبیة .

وقد کان لعبدة الأصنام فی العصر الجاهلی آراء وکلمات متناقضة طبع ، فهم لا یطرحون أقوالهم بلا أی تناقض أو تهافت ، شأن أی إنسان منطقی وواع ، لذا فهم فی نفس الوقت الذی یعتبرون الأصنام شرکاء لله فی حلّ المشاکل ویصوّرونها وکأنّها أولیاء وأنصار لهم من دون الله ، فانّهم کانوا یطرحون أیضاً قضیة الشفاعة بین یدی الله ، وهذا لا یدل مطلقاً على عدم الاعتقاد بالشرک فی الأفعال .

وهذا ما نلاحظه من دراسة مجموعة الآیات السالفة ، واستقراء جمیع أحوالهم من خلالها، ثم أنّهم لا یعتبرون الشفاعة مطلقاً منوطة ورهینة بإذن الله .

وبناءً على هذا فاننا نستنتج وبکل ثقة لو أن الإنسان تمسک بأولیاء الله فقط (لا الأصنام الحجریة والخشبیة) واعتبرهم دون غیرهم ـ شفعاء له بین یدی الله (لا شرکاء له فی الولایة والنصرة والتدبیر) وأنّ شفاعتهم لا تحصل إلاّ بإذن الله (لا بصورة مستقلة عنه) فلا اعتراض علیه أبداً فی مثل هذه الحالة ، وإنّما یرد الاعتراض حینما یغفل المرء عن واحد من هذه المبادىء الثلاثة أو بأجمه ، ویسلک الطریق الخاطىء .


1. «الولد» بمعنى المولود وتُطلق على الصغیر والکبیر والذکر والأنثى والمفرد والجمع (راجع مفردات الراغب) .

 

ز) ألا تتعارض الشفاعة مع التوحید ؟تمهید :
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma