وقد أکّد القرآن على عذاب هؤلاء تأکیداً خاص ، وأولى هذه القضیّة أهمّیة استثنائیة ، حتى أنّ اسم احدى السور هو «المطففین» وقد جاء فی مستهلّه : (وَیلٌ لِّلْمُطَفِّفِینَ * أَلاَ یَظُنُّ اُولَئِکَ اَنَّهُمْ مَّبعُوثُونَ * لِیَوم عَظِیم . .کَلاَّ اِنَّ کِتَابَ الفُجَّارِ لَفِى سِجِّین ).(المطففین / 1 ـ 4 ـ 5 ـ 7)
قال بعض المفسّرین: إنّ «الویل» یعنی شدّة عذاب القیامة ، وقال آخرون: إنّها اسم واد خاص فی جهنّم (1) .
وجاء أیضاً فی حدیث عن الإمام الصادق(علیه السلام) أنّه قال :«لم یجعل الله الویل لأحد حتّى یسمّیه کافر ، قال عزّ وجلّ : فویل للذین کفرو . . .» (2) .
و ورد أیضاً فی حدیث عن النبی(صلى الله علیه وآله) أنّه قال : «ویل واد فی جهنّم یهوی فیه الکافر» (3) .
و یفهم من هذه التعابیر أنّ التطفیف أی عدم ایفاء المیزان فی البیع ـ یصل حدَّ الکفر أو هو نوع من الکفر .
وکلمة «ویل» لها معنىً لغوی واسع ، یرادف الشر والغم ، والهلاک أو العذاب الألیم ، وما ذکر آنفاً یمکن أن یکون مصداقاً لذلک .
وممّا یسترعی الانتباه أنّ ألفاظ الآیة وإن کانت تخصّ المطففین للمواد القابلة للوزن والکیل لغرض البیع والشراء ، إلاّ أنّه لا یُستبعد أن تتسع الآیة لما هو أبعد من ذلک لتشمل کل من یقصّر فی تأدیة واجباته الدینیة والأخلاقیة والاجتماعیة وذلک لأنّ کل من یقصر فی أداء واجبه وینتقص من عمله یُعتبر فی الحقیقة مُطفّف .
ولهذا نُقل عن الصحابی المعروف «عبدالله بن مسعود» أنّه قال : «کل من طفف فی صلاته ینطبق علیة ماقاله الله تعالى بشأن المطففین» (4) .
1. تفسیر القرطبی، ج10 ص 7041 .
2. اصول الکافی، ج 2، ص 32، ح 1.
3. تفسیر روح المعانی، ج30، ص68 .
4. تفسیر مجمع البیان، ج 1 ، ص 452.
