توجد فی القرآن الکریم أوصاف عامّة وشاملة لأصحاب النّار ومن جملة ذلک الجریمة و الذنب ، إذ قال تعالى بشأنهم :(وَنَسُوقُ الُمجْرِمِینَ اِلَى جَهَنَّمَ وِرْداً ). (مریم / 86)
کلمة «مجرم» مأخوذة من المصدر (جُرْم) على وزن (ظُلْم)والذی یعنی أساساً القطع ، لذلک تُطلق الکلمة على عملیة قطع الثمار من الأشجار أو قطع الأشجار ذاته ، ولمّا کان المجرمون یحرمون أنفسهم من السعادة والنجاة بسبب سوء عملهم ، لهذا صدقت علیهم هذه الکلمة .
هل یفهم من هذه الآیة أنّ کل ذنب یستلزم دخول النّار، أم أنّها تخص مجرمین معیّنین ؟ إنّ ظاهر الآیة یدلّ على الاطلاق ، إلاّ أنّه یمکن أن یُستشف من خلال الآیات الاُخرى أنّها تخص الجریمة التی یخالطها الکفر ، کما جاء فی قوله تعالى: (إِنَّ الُمجْرِمِینَ فِى عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ) . (الزخرف / 74)
ومن البدیهی أنّ الخلود فی النّار مقصور على الکفّار لا کل المجرمین ودلّت على هذا قوله تعالى: (یَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الُمجْرِمِینَ * مَاسَلَکَکُمْ فِى سَقَرَ ). (المدثر / 40 ـ 42)
فیعدّون لهم فی الجواب مجموعة من الذنوب منها التکذیب بیوم الدین وهو ما یساوی الکفر ، وقد ورد نظیر هذا المعنى وهو أنّ المقصود منه الجرم المقرون بالکفر ـ فی آیات عدیدة اُخرى (1) ، ویحتمل أیضاً أنّ المراد من المجرمین الوارد فی الآیة موضع البحث هم المجرمون الذین انغمسوا تماماً فی الذنوب وبالشکل الذی یجعلهم لا یستحقّون الشفاعة ولا عفو الله ، فهولاء عامّة یدخلون النّار .